شرح ألفية ابن مالك لعبد الواحد أشرقي ومصعب بنات/الدرس التاسع عشر

من ويكي الكتب

اعلم أن الأصل في الإعراب أن يكون بالحركات لا بالحروف، ذلك أن التغيير يكفي فيه اقل ما يدل عليه، وهو حاصل بالحركات فلا حاجة إلى الحروف. ثم اعلم أن ابواب النيابة سبعة، وهي في جميع ذلك: إما نيابة حركة عن حركة، مثل: (الاسم الذي لا ينصرف، وجمع المؤنث...). وإما نيابة حرف عن حركة (كجمع المذكر/ والمثنى....) وهي على سبيل الإجمال: 1/ الاسماء الخمسة(الستة).2/ المثنى.3/جمع المذكر السالم. 4/ جمع المؤنث السالم.5/ الاسم الذي لا ينصرف. 6/الأفعال الخمسة.7/ الفعل المعتل المجزوم بحذف حرف العلة. هذه كلها تعرب بالحروف، وقد بدأ المصنف رحمه الله في ذكرها وبدأ منها؛ 1/ بالباب الأول:(الأسماء الستة) فقال:

27-وَارْفَعْ بَوَاوٍ وانْصِبَنَّ بِالأَلِفْ/واجْرُرْ بِيَاءٍ مَا مِنَ الأسْمَاأَصِفْ 28- منْ ذَاكَ ذُو إنْ صُحْبَةً أَبَانَا……وَالْفَمُ حَيْثُ الْمِيمُ مِنْهُ بَانَا.

في هذين البيتين من النظم ثلاث فوائد: الفائدة الأولى قوله : (وَارْفَعْ بَوَاوٍ وانْصِبَنَّ بِالأَلِفْ/واجْرُرْ بِيَاءٍ مَا مِنَ الأسْمَاأَصِفْ.) يقصد أنك تَرفع بالواو نيابة عن الضمة، وتَنصب بالألف نيابة عن الفتحة، وتَجر بالياء نيابة عن الكسرة، فيما يُذكر لك من الأسماء الستة.

الفائدة الثانية، هي قوله:(منْ ذَاكَ ذُو إنْ صُحْبَةً أَبَانَا). يعني من الأسماء التي قلتُ سأصفها لك -والتي تعرب بالواو والألف والياء-، (ذو) إذا كانت بمعنى صاحب، مثل قولك : (جاء ذو علم./ ورأيت ذا علم./ ونظرت إلى ذي علم.) فلو لم تكن بمعنى 'صاحب' فلا تعرب هذا الإعراب، ك(ذو) الطائية فإنها موصولة. فتقول : ( حضر ذو عِلْم)فاعل(حضر) مرفوع بالواو النائبة عن الضمة. و(أكرمْ ذا علم) منصوب بالألف النائبة عن الفتحة لأنه مفعول به، و(علم) في جميعها مضاف إليه. و(ونظرت إلى ذي علم) مجرور بالياء النائبة عن الكسرة.

الفائدة الثالثة في قوله: (وَالْفَمُ حَيْثُ الْمِيمُ مِنْهُ بَانَا) يعني أن من الأسماء الستة التي تعرب بما قلت لك، (الفم)، إذا أزيل منه الميم، فيبقى(فو). فتقول: (لا فُضّ فوك)، ف(فوك) نائب فاعل مرفوع بالواو النائبة عن الضمة، والكاف مضاف إليه. وقوله تعالى: (ليبلغ فاه) ف(فاه) مفعول به منصوب بالالف النائبة عن الفتحة، والهاء مضاف إليه. وتقول(راقب ما يخرج من فيك) ف(فيك) مجرور بالياء النائبة عن الكسرة، والكاف مضاف إليه. إعراب البيتين: (ما) في البيت الاول تنازعت فيه العوامل الثلاثة، وكل منها يطلبها من جهة المفعولية، (ارفع/انصبن/اجرر)، فأُعمل (اجرر) لقربه، وأعطي الضمير ل( ارفع/وانصب) فحذف. (ذو) مبتدأ مؤخر، (من ذاك ) خبر مقدم،(صحبة) مفعول بفعل محذوف يفسره (أبان) بمعنى اظهر، وباقي الإعراب واضح.