حب وحرب لمؤلفته لارا احويت/الفصل الخامس والثلاثون
على حافةِ النار هم أرادوا السير ، إن وقعوا فيها لن نحزنَّ عليهم ، أو نتألم بمجردِ تخيلِ شعورهم ، لأنهم هم من اختاروا ذاكَ الطريق ، و تلكَ النار. الأمرُ المحزن هو إن كانت أيادي بريئة تستندُ على تلكَ الأيادي التي اختارت النار ، حينها تلقائياً ستجرف خلفهم ، كَذنبِ العقاب الجماعي ، الذي لا يعرفُ مذنباً أو بريئاً ، كل ما يدعو إليه تلكَ العدالةِ التي خلقت الظلم. سامر : معكَ حق ، سأُحاول . الشيخ : بل ستفعل ذلك ، لا تنسى بأنكَ رجلٌ و مقبلٌ على أن تكونَ مرشداً. اقتنعَ سامر بكلامِ الشيخ ، ثم قال الشيخ : انتهى درسُ اليوم ، تفضل أُجرتك. سامر : لِمَ الأجرة ؟ الشيخ : على هذا الدرس. سامر : أتعتبرهُ درساً ؟ و لكنهُ نصيحة منكَ. الشيخ : بل هو درس. فرحَ سامر بالنقود ، و عادَ لمنزلهِ فوراً . حاولَ إقناعِ منى بالحجاب و لكنها كانت ترفض ، بحجةِ تركَ الشيخُ كل شيءٍ و انشغلَ بحجابي ، لا شأنَ لهُ بأمري. باليومِ التالي ، ذهبَ سامر لشيخ ، و أخبرهُ برفضِ منى للحجاب . الشيخ : عليكَ ضربها حتى تنصاعَ لأوامركَ. سامر : كيفَ أضربها ؟ هي حبيبتي و جزءٌ من قلبي. الشيخ : ما هذا الهراء الذي تتحدث بهِ ؟ سامر : هي أحبُ إليَّ من كل شيء ، لن أضربها. الشيخ : حسناً ، بعد قليل سأذهبُ معكَ لمنزلكَ لأقدمَّ الخروفين هديةً لكم ، سأحاولُ إقناعها. سامر : باركَ الله بكَ يا شيخنا الفاضل. عندَ صلاةِ الظهر ، جاءَ عددٌ قليلٌ من المصلين ، عرفهم الشيخُ على سامر ، و بعدَ إنهاءِ الصلاة ، غادروا جميعاً المسجد. توجهَ الشيخ مع سامر لمنزلهِ ، اندهشَ الشيخ من جمالِ المنزل ، و لفتَ إنتباههُ أنهُ منعزلٌ عن الجميع لا أحدَ حولهُ و لا حتى جيران. اتصلَ سامر مع اللحام ليأتي ويقوم بذبحِ الخروفين ، سَيقسمهم إلى جزئين جزءً لهم و الجزءُ الآخر يوزعهُ على الفقراء. جلسَ سامر و الشيخ بحديقةِ المنزل ، حتى جاءَ اللحام ، و قامَ بذبحِ الخروفين ، أخذَ سامر حصتهُ لداخل لتصنعَ منها منى طعامَ العشاء ، و طلبَ من اللحام توزيعِ الباقي على الفقراء. جهزَ سليم سفرةَ الطعام التي بالحديقة ، ثم جاءت منى و معها الطعام ، ما إن رأها الشيخ حتى انبهرَ بشدةِ جمالها ، وقفَ احتراماً لها. منى : مساءُ الخير. الشيخ : مساءُ النور. تناولوا طعامَ العشاء و كانَ الشيخُ يختلسُ النظرَ إلى منى بينَ الحينِ و الآخر ، الأمر الذي جعلَ منى تنتبهُ لهذا. منى : عفواً لماذا تنظرُ إليَّ ؟ الشيخ : لا يا ابنتي ، و لكن جئتُ لأقنعكِ بالحجاب. منى : لن ارتديهِ ، و زوجي راضٍ عني لا يجبرني على شيء ، أليسَ كذلكَ يا سامر ؟ سامر : نعم صحيح ، و لكن أنا أريدُ أن ترتديهِ لإخفاءِ فتنتكِ ، و لنكون بالجنةِ معاً ، أنا كناصحٌ ، و أنتِ كزوجةٍ مطيعةٌ. منى : لن ارتديه. دخلت منى لداخل غاضبة ، كادَ سامر أن يلحقها ليرضيها ، و لكنَ الشيخَ أوقفهُ. الشيخ : اضربها . سامر : لا ، لن أفعل. الشيخ : بل ستفعل هي متمردة عليكَ ، اضربها و تعالَ نم عندي الليلة. سامر : سأحاول إقناعها ، عن إذنكَ. ذهب سامر لغرفتهما ، بدأَ يحاولُ إقناعَ منى ، و لكنها كانت ترفضُ و لا تستجيب لهُ ، عنادها أغضبَّ سامر الأمر الذي جعلهُ يرفع صوتهُ عليها ، فقامت هي برفعِ صوتها ، و لأن سامر رجولتهُ لا تسمح لهُ أن ترفع زوجتهُ عليهِ صوتها ، ضربها كف أسقطها أرضاً. منى : أتضربني يا سامر ؟ خرجَ سامر من البيت و أغلقَ بابِ المنزلِ خلفهُ بقوةٍ ، ثم ركبَ هو و الشيخ السيارة ، وذهبا لمنزلِ الشيخ. جلسَ سامر على البساط و بدأَ يبكي ، قائلاً : ليتَ يدي قُطعت قبل أن أضربها. الشيخ : أمجنونٌ أنتَ ؟ سامر : إنها حبيبتي ، و طفلتي الصغيرة ، لقد وعدتها بأن أجعلها أسعدَ نساءِ الأرض ، لأنها عانت كثيراً بحياتها. الشيخ : و ماذا عانت ؟ سردَّ لهُ سامر الحكايةَ كلها منذُ لحظةِ تعرفهِ على منى ، و اغتصابها ، و تعذيب الملكِ لهما ، و حملها ، حتى وفاةِ العجوز. الشيخ : إذاً طفلكَ غيرُ شرعي ؟ سامر : أنا والدهُ ، ما بكَ ؟ و قد تزوجتُ أمهُ شرعاً الحمدلله. الشيخ : و لكنها حملت بهِ قبلَ الزواج ، يبقى غيرُ شرعي . سامر : و الحل ؟ الشيخ : الحلُ هو قتلهُ. سامر : هل أنتَ جادٌ بما تقول ؟ الشيخ : نعم أنا جاد ، ستأثم أنتَ و زوجتكَ إثماً كبيراً إن لم تقتلهُ. سامر : و كيفَ أقتلُ طفلي ؟ هو بريءٌ من ذنبي ، و أنا حاولتُ إصلاحَ ذنبي و تمكنت الحمدلله. الشيخ : طفلٌ غيرُ شرعي ، عن أيِّ إصلاحٍ تتحدث ؟ سامر : لا لن أقتلهُ. الشيخ : بل ستفعل ، و الله سوفَ يعوضكً خيراً منهُ.