حب وحرب لمؤلفته لارا احويت/الفصل الحادي والعشرون

من ويكي الكتب
« حب وحرب لمؤلفته لارا احويت
الفصل الحادي والعشرون
»
الفصل العشرون الفصل الثاني والعشرون

لا شيءَ يطفىءُ ناري يا أميرةَ الياسمين، أشعلتي بداخلي عودَ ثقابٍ، يرفضُ الإنطفاءَ، وكنتِ تزيدي الحطبَ شيئاً فشيئاً، تلذَذي بإحراقي، إن كانت تروي ظمأُكِ نيرانَ قلبي فَلترتوي يا حبيبتي، غزلتُ من حَطبُكِ وشاحَ عشقٍ تعطرتُ بهِ كلما شممتُ رائحةَ الذكرياتِ الماضية، فذرفَ دمعهُ وشاحكِ قبلَ أن أمسحَ بهِ دموع الخيبات والأحزان، كيفَ لقطعةِ قماشٍ أن تحملَ كل هذا الحزنِ يا أميرتي ؟ ذهبت منى لغرفتها، وبقي سامرٌ مع العجوز، فسألها : لماذا تريدينَ البحثَ عن قبرِ سليم ؟ وما علاقةُ ضفيرةِ منى به ؟ العجوز : من بعدِ ما جرى مع منى طلبت مني أن أقصَ ضفيرتها، ورأت بالحلم أنَ سليم يريد ضفيرتها . سامر : ولكنهُ حلم لِمَ تحويلنهُ لحقيقةٍ ؟ العجوز : بالأحلامِ أسرار وألغاز لذا يجبُ علينا أن نستجيبَ لكلامِ الموتى. سامر : حسناً، سأبحثُ أنا عِوضاً عنكِ عن قبرهُ. العجوز : لا، أنتَ ستبقى مع منى في المنزل. سامر : كما تشائينَ يا خالتي. ذهبت العجوز للقصرِ الملكي، فأسرعَ إليها أحدَ الحراسِ، قائلاً : إلى أينَ أنتِ ذاهبة ؟ أجابت : هنالكَ جثةً قد دفنها الحراس أريدُ أن أعرفَ مكانها . الحارس : وما هي مواصفاتها ؟ العجوز : شابٌ ببذلتهِ العسكرية كانت تنقلهُ فتاة . الحارس : و لِمَ تريدينَّ معرفةَ مكانِ الجثة ؟ العجوز : لا شأنَ لكَ، دُلَني فقط . فذهبَ للملكِ لكي يخبرهُ بالأمر فأعطاهُ الموافقةَ مع بعضِ التعليمات، عادَ للعجوز وقال : هيا آتبعيني . تبعتهُ العجوز وحفظت مكانَ القبرِ. قررت منى أن تذهبَ لمتابعةِ التلفاز، فتوجهت نحوَ الصالةِ ورأت سامرٌ يجلسُ على الأريكةِ، جلست على نفس الأركيةِ لكن بعيدةً عنه، فسألتهُ : أينَ جدتي ؟ سامر : لقد خرجت. منى : إلى أين ؟ سامر : لا أعلم حين تأتي اسأليها. تعجبت منى من حدةِ صوتِ سامر، ومن تجاهلهِ إياها بعدما كانَ يسعى جاهداً للحصولِ على كلمةٍ واحدةٍ منها. تؤكد المذيعةُ عبر التلفاز على انتشارِ الجماعةِ الإرهابية بكل المدن المجاورة للمدينة التي كانت تعيشُ بها منى مع ذويها، وأنَ أسلحتهم متطورة جداً، وكل حكام المدن المجاورة يسعونَّ بكلِ جهدهم أن يطوروا ويزيدوا عددَ جيوشهم للوقوفِ بوجهِ الإرهاب. منى : متى ستنتهي هذه الحربُ التي سلبت مني أحبابَ قلبي ؟ سامر بصوتٍ يرجو فيهِ أن لا يكونَ قصدها سليم : ومن رحلَ من أحبابُكِ بهذهِ الحرب ؟ منى : أبي، وأمي، وإخوتي. ظهر الارتياحُ على وجهِ سامر لأنها لم تذكر سليم، انتبهت منى لهذا، فأضافت لكلامها وسليمٌ أيضاً. كادَ سامر أن يصرخَ بوجهِ منى، إلا أن طرقَ الباب قد منعهُ، فتحَ الباب وكانت العجوز هي الطارقة. منى : أينَ كنتِ يا جدتي ؟ العجوز : كنتُ بقصرِ الملك. منى : وماذا تفعلينَ هناك ؟ العجوز : كنتُ قد ذهبتُ لمعرفةِ قبرِ سليم، وبحمدالله قد عرفتهُ. منى : ولِمَ بحثتي عنهُ ؟ العجوز : لِأرسلَ لهُ ضفيرتُكِ التي قصصتها. منى : حسنا هيا بنا لنذهب. العجوز : سنذهبُ ليلاً كي لا يرانا أحد. ذهبت منى لغرفتها وأخرجت ضفيرتها من خزانتها فكتها وأعادت تسريحِها وربطها ودموعها تنهالُ من فوقها مستشهدة لذكريات، فجأةً شعرت بألمٍ ببطنها من شدتهِ أسقطها أرضاً وصرخت. سامر يسمعُ صوتَ صراخها فيركضُ نحوَ غرفتها مسرعاً ويفتحُ الباب. سامر : منى ما بكِ ؟ كيفَ سقطتي على الأرض ؟ العجوز خلفهُ : خيراً يا ابنتي، ما بكِ ؟ منى : بطني يؤلمني بشدةٍ. ذهبَ إليها سامر وحملها وهي تصرخُ : إلى أينَ تأخذني ؟ سامر : لطبيبة، وتوقفي عن الصراخ . العجوز : أسرع بها يا بني، بانتظاركما هنا. وصلا لعيادةِ الطبيبة فطلبت منهُ أن يضعها على السرير، قالت لهُ : هل أنتَ زوجها ؟ أجاب : نعم أنا زوجها. كشفت الطبيبة عن بطنِ منى أمامَ سامر، الأمر الذي أخجلَ منى، فغمزها سامر غمزةً قصد بها لا تكشفي أمرنا أمامَ الطبيبة. وضعت الطبيبة الجهازَ على بطنِ منى، وبدأت تراقب حركة الجنين، وأسمعتهما صوتَ حركتهِ ابتسمت منى لأنها أول مرةٍ تسمعُ بها صوتَ حركةِ طفلها، تلاقت عيناها بعينا سامر الذي كان يبتسم ونزلت من عينهِ دمعةُ فرحٍ. الطبيبة : أرى بالصورة أن جنسَ الجنين ذكر، هل فكرتما لهُ بإسمٍ ؟ منى : لا كنا بانتظارِ معرفةِ جنسهِ لنفكر باسمهِ. الطبيبة : وضعُ الجنين بخير، ولكن يبدو أن الألم الذي شعرتي بهِ من توتر أو ضغوطاتٍ نفسية تمُري بها، يجب عليكِ أن ترتاحي وتبتعدي عن التوتر. شكرَ سامر الطبيبة، وتوجهَ نحو منى لحملها للمنزل لأنها لم تكن ترتدي حذاءً فهو أخذها مسرعاً. منى : شكراً يا سامر ولكن احضر لي أيَّ شيءٍ ارتديهُ من هنا. سامر : لا بل سأحملُكِ مرةً أخرى، هذا واجبي. حملها سامر للمنزل وأدخلها إلى غرفتها، وأثناءِ إغلاقهِ للباب، منى : أشكركَ جداً يا سامر، أخبر جدتي بأني سأنامُ بعضَ الوقت وحينما آستيقظ سنذهبُ لقبرِ سليم. سامر : حسناً. خرجَ سامر وكانت العجوز جالسةٌ في حديقةِ المنزل الخلفية، جلسَ بجوارها. العجوز : سامر عدتما ؟ أينَ منى ؟ سامر : نائمة بسريرها. العجوز : ماذا قالت لكَ الطبيبةُ ؟ أخبرها سامر بكلامِ الطبيبة، وفرحت حينما علمت أنَّ الطفلَ ذكر، وما زادها فرحاً ردُّ منى على الطبيبة أنها لم تقرر وسامر اسمَ الطفل بعد لحينِ معرفةِ جنسهِ. العجوز : أخبرني يا سامر أيوجدُ بداخلكَ مشاعرٌ تجاهَ منى ؟ سامر : لا أعلم يا خالتي، ولكن كثيراً ما تتخبطُ نبضاتِ قلبي وهي أمامي، أشردُ بعيناها إلى الملانهايةَ. العجوز : يبدو أنكَ تحبها فهذا يظهرُ باهتمامكَ بها، أخبرها يا بني. سامر : ولكن أخشى الصدَّ يا خالتي، هي لم تغفر لي بعد، كما أشعرُ بأنها ما زالت تحبُ سليم. العجوز : إبقى بالقربِ منها لعلها تغفرُ لكَ، أما عن حبها لسليم مع الأيام سوفَ يتلاشى خاصةً إن عوضت عن ذاكَ الحب. سامر : كم أتمنى ذلكَ يا خالتي. مضى الوقتُ سريعاً، لتستيقظَ منى وتعدُّ نفسها، وتوجهت نحوَ الصالةِ، قائلة : جدتي ، جدتي أينَّ أنتِ ؟ العجوز : أنا هنا يا ابنتي تعالي. منى : هيا لنذهب لقبرِ سليم. العجوز : ولكنكِ متعبة انتظري للغد. منى : كلا، سنذهبُ الليلة. العجوز : حسناً. سامر : عفواً، ولكن هل بإستطاعتي الذهابُ معكما ؟ العجوز : بالطبعِ يا بني. منى بداخلها : و لِمَ يريدُ الذهابَ معنا ؟