الفن التجريدي/الرسم كفكرة كولاجية
بقلم: د. محسن عطيه
كان الفنان الفرنسى "جورج براك" Georges Braque(1882-1963) قد اخترع تقنية "الكولاج" في الرسم عام 1912، عندما قام بدمج رقائق الخشب المقلد في الرسم بدلاً من تجسيد الخشب يدويًا بشق الأنفس. أسرت الابتكارات الرسام الإسبانى " خوان جريس" Juan Gris (1887-1927) ، فقام بالعديد من التجارب المركزة مع الوسيط الجديد في عام 1914. وفى لوحة " طاولة الإفطار"(1914)، تتشكل مجموعة من الأوراق الملصقة، حيث تمتد شظايا الورق إلى حافة اللوحة، مما يؤكد على كل من الصفات التصويرية والحرفية للمادة. وهذه اللوحة تمثل تصادما بين وجهات النظر وطرق التمثيل. إذ استخدم "جريس" نوعين من ورق الخشب المقلد المطبوع ميكانيكيًا ، لاستحضار سطح الطاولة وأرجلها، بينما تقترح الخلفية الحقيقية جدار الخلفية. هذه الأوراق المطبوعة، بالإضافة إلى الأوراق النابضة بالحياة باللونين الأزرق والأبيض، تتلاءم معًا في هيكل متشابك بإحكام. وعلى هذه الأجزاء رسم "جريس" أشياءً تُرى من زوايا مختلفة، بما في ذلك الأكواب والصحون، وكوب البيض والملعقة، وآلة القهوة. هكذا تعرض هذه العناصرالمصممة بنقش بارز، أبعادًا ثلاثية تقف في تناقض صارخ مع تسطيح الأوراق.
أما "مارسيل دوشامب" Marcel Duchamp ، فهو الفنان الذى أثر بشكل كبير على حركة الفن في القرن العشرين ف، عندما جرب الغموض لتغيير المعنى في العمل الفنى. والتأثيرالأكثر أهمية لـ"دوشامب" هو اختراعه "الجاهزة" من أشياء شائعة يتم تقديمها على أنها أعمال فنية. ونتيجة لذلك، أثار السؤال والغموض حول الفن الجاهز. ففى عمل" دوشامب" بعنوان L.H.O.O.Q."" (1919، استخدم استنساخًا لـلوحة "الموناليزا" لفنان عصر النهضة" ليوناردو دافنشى" (جاهز) وأضاف شاربًا ولحية صغيرة إلى الشخصية التى عكست الجنس. وبذلك جلب العمل الغموض والتشكك فيما إذا كانت "الموناليزا" ذكرًا ؟ وعما إذا كان ينبغي على الإطلاق أن يُطلق عليه عمل فنى لأنه ، مجرد نسخة من الموناليزا الأصلية. وهنا ، يطالب دوشامب المشاهد برد فعل دماغى على مؤسسة الفن بأكملها. ويقترح أن التفكيرمن وجهة نظر المتفرج أكثر أهمية من إسقاط الوهم من جانب الفنان. وكان هناك تأثيرلـ" دوشامب "على الدادائية، الحركة الفنية التى رفضت التقاليد، وعارضت التيارالأيديولوجى في الفن ووقفت ضد الجوانب المادية للفن. وقد نشأت العدمية عند الدادائيين من تفسير نيتشه للوجود. وبطبيعة الحال ، غرس الدادائيون في أعمالهم إحساسًا بالتخريب في الفن. وكانت الحركة الفنية "الدادية" Dada أو "الدادائية" Dadaism، قد بلغت ذروتها في أوروبا خلال القرن العشرين.فى هذا الوقت، كان هناك العديد من الحركات الفنية الأخرى التي اشتهرت بتصوراتها الفنية المختلفة مثل حركة آرت ديكو ، وحركة باوهاوس. ومن أشهر فنانى "الدادية" الذين ساهموا في هذا الأسلوب الفنى بغلإضافة إلى " مارسيل دوشامب" "سلفادور دالى" Salvador Dali ،و" تريستان تزارا" Tristan Tzara ، و"مان راى. Man Ray .اوقد استخدم الداديون مزيجا من الوسائط ، بما في ذلك فن الكولاج collage والمنحوتات. وكان فنانو هذا الأسلوب الفنى عنيفين للغاية في التعبيرعن شعورهم، حيث صاغ مارسيل دوشامب مصطلح مناهضة الفن في عام 1913 والذي أصبح مرادفًا للدادائية. وابتعد هانز / جان آرب Hans Jean Arpعن اهتمامه السابق بالتعبيرية الألمانية لتطوير ما أسماه "تلصيقات الصدفة"chance collages ، حيث يقال إنه ألقى مربعات ورقية ممزقة أو مقطوعة على ورقة أكبر على الأرض ثم ألصقها بتشكيل عشوائى.وأنتج "آرب" Arp أيضًا منحوتات خشبية مجردة، يشبه العديد منها أشكالًا عضوية أو أشكالًا ميكانيكية مثل رأس عارضة الأزياء. وبذلك أظهر فنانو دادا موقفًا متشككًا تجاه العقلانية والقصدية ، وأوجدوا استراتيجيات لاستكشاف التجريد، حيث وأزيحت يد الفنان (أي الارتباط المباشر بالعمل الفنى). وبدلاً من المواد المتخصصة للفنون الجميلة مثل الطلاء الزيتى والرخام، فضل هؤلاء الفنانون الوسائط والمواد التجارية اليومية مثل الورق. لقد سعوا إلى دمج الفن والحياة بشكل أوثق من أجل نقد الآثار التى أحدثها التصنيع الحديث على المجتمع.
كان فنانو باريس من الدادائيين، أكدوا على عروض" الكولاج "، والصورالفوتوغرافية. وأدت هذه الاهتمامات ، إلى انضمام العديد من الفنانين بما في ذلك "مان راى" Man Ray، المعروف بصوره التجريبية) وجعلوا من باريس، بقيادة الكاتب"أندريه بريتون" مركزا لأنشطتهم. ويمكننا أن نرى أصداء دادا طوال القرن العشرين ، وقد كانت واحدة من المساهمين الرئيسيين في ممارسات الفن المعاصر منذ إحيائها باسم نيو دادا في الستينيات. وفى عصرالتجريب تحول الفنان عن أساليب السرد، واحتل "التوليف" مكانته في الفن الحديث، "فعندما تفجرت الرغبة لدى الفنان للتعويض عن البدائى المكبوت بداخله ، لجأ لأساليب"التلصيق" collage و"الفروتاج" frottage و"الأوتوماتية"outomatism ليخوض مغامرته بهجر التقاليد الموروثة، بحثاً عن " المجهول" و"المدهش في غرائبه" فبلغ حافة الهاوية...، وفى " التلصيق" عندما يتجاوز شكلان منفصلان من البيئة المستوعبة في مخيلة الفنان على سطح العمل الفنى، ينتج الواقع الأشد قوة، الذى الذى هو العمل الفنى (مافوق الواقع). والفنان هنا يتبع "منطق الكارثة " في التعامل مع الانتقالات الشكلية. فقد تجاوز منطق التغيرات التدريجية الهادئة، فإن قص الورقة يمثل نظيرا للفعل الزلزالى، فهو يحدث صدعاً على سطح العمل الفنى. وينتج عن ذلك صيغتان يعملان تزامنا على سطحين، أحدهما فوق الآخر، ويعملان بصيغة ثنائية. ويبدأ عمل الاستعارة في عملية التحول ، فيوحى الفنان بالتشابهات، ويجعل الشياء الجامدة مؤنسنة ." (1) أما اللوحة التى أنجزها الفنان المصرى "محسن عطيه" بتقنية التلصيق" collage بعنوان "بين أشياء صغيرة"(2014) فقد استخدم فيها الأشياء الجاهزة من النفايات الصناعية والبيئيةن ليخوض مغامرة الجمع بين الآلية والتوليف ، فيستبدل الرسم باستخدام المواد المختلفة التى تكتسب جمالها وتاثيرها العاطفى القوى ، حينما يمنح كل عنصر استقلاليته بخصائصه و ومع التلصيق تدخل تفلصيل اخرى على نحو معقد وغامض، مثل إشارات، ومع تجاوز شكلين منقصلين من البيئة المتخيلة تتحقق صورة مافوق الواقع. وتزاح الحواجز بين الشىء والفضاء المحيط ويندمج الفراغ مع الزمن . وتجسد لوحة"بين أشياء صغيرة" فكرة الهجوم على المالوف لاستعادة الدهشة الرائعة.وفى الحقيقة أن المواد المتختلفة في الرسم التلصيقى تكتسب جمالها وتاثيرها العاطفى القوى، لتصل إلى اللاتوازن الأسمى الذى يضيف إلى الغنائية معناها. وكانت قد عرضت اللوحات الضخمة وفيها تنتشرالطلاءات اللونية، وتتناثر أو تتدفق، وتقطر مع عدم وجود نمط أو تصميم مخطط مسبقًا. وغالباً يكون التأثير الكلى لمثل هذه الأعمال الفنية هو الحيوية والإبداع. كذلك استخدمت مجموعة أخرى من الفنانين الذين عُرفوا باسم رسامى"حقل الألوان" تشبعًا لونيًا مختلفًا، يتمبز بالنقاء ، والحيوية، والشدة،لخلق التأثيرات المرغوبة. وبدت بعض الأعمال عبارة عن حقول ضخمة من الألوان الزاهية - كما في لوحات"مارك روثكو" و"بارنيت نيومان". واتبع آخرون نهج "التصوير" الأكثر حميمية، حيث ملء اللوحة بشظايا أو برموز متكررة من الصور. وبحلول أوائل الستينيات، ظهرت مجموعة جديدة من الفنانين على الساحة الذين استخدموا ومضات من الفكاهة في أعمالهم الفنية،مثل "فن البوب " و" الفن المفاهيمى". أما "النيودادية" فإنها في الستينيات أرادت إجراء إصلاحات في القيم التقليدية. كما أنها استخدمت أشياء مألوفة. ولكن على عكس النغمة الجادة والغاضبة للداديين الأصليين ، بدا أن أتباع الدياداديين الجدد يستمتعون بغير المألوف فنيا، في حد ذاته،كنوع من التهكم. تراوحت أعمالهم ما بين الرسم والملصقات والكولاج والتركيبات ثلاثية الأبعاد. واستفاد هؤلاء من أشياء وصور يسهل التعرف عليها من المجتمع الاستهلاكى - كما هو الحال في أعمال "آندى وارهول"، الذى كان مصدر إلهامه هو المشاهير والإعلانات والقصص المصورة التى أصبحت شائعة في ذلك الوقت. ومن هنا ظهر مصطلح "فن البوب". أما " الفن المفاهيمى" فكما يوحى المصطلح، كان هو ذلك الذى نشأ في ذهن الفنان ، واتخذ شكلاً ملموسًا لبعض الوقت، ثم اختفى (ما لم يتم التقاطه في صورة أو توثيق فيلم). ويتمثل أحد الاختلافات الرئيسية بين العمل الفني المفاهيمى واللوحة التقليدية أو النحت في أن عمل المفهومى غالبًا ما يتطلب القليل من الحرفية المادية أو لا يتطلب على الإطلاق. ويذهب الكثيرمن وقت وجهد الفنان إلى المفهوم أو الفكرة الكامنة وراء العمل، حيث يكون التنفيذ الفعلى سريعًا وبسيطًا نسبيًا. ويشيرمصطلح "الفن المعاصر" إلى الفن الذى صنعه وأنتجه فنانون يعيشون اليوم. ويعمل فنانو اليوم في بيئة عالمية متنوعة ثقافيًا ومتقدمة تقنيًا، ومتعددة الأوجه. ومن خلال العمل في مجموعة واسعة من الوسائط. وعند الانخراط في الفن المعاصر، قد يواجه المشاهدون تحديًا تجاه أسئلة مثل "هل العمل الفنى جيد؟" أو "هل العمل ممتع من الناحية الجمالية؟" أو يفكروا فيما إذا كان الفن "تحديًا" أو "مثيرًا للاهتمام".ومنذ أوائل القرن العشرين، كان بعض الفنانين قد ابتعدوا عن التمثيل الواقعى وتصوير الشكل البشرى ، وتحركوا بشكل متزايد نحو التجريد. ونشأ في الفن مصطلح "التعبيرية التجريدية" لوصف حركة فنية لم تكن مجردة تمامًا ولا تعبيرية تماماً. ومع ذلك، فقد حثت الحركة الفنانين على التركيز بشكل أكبرعلى عملية صنع الفن بدلاً من المنتج النهائى. وجلب فنانون مثل "جاكسون بولوك" صناعة الفن إلى آفاق الرقصات من خلال تقطيرالطلاء في إيماءات كبيرة وعفوية. وما كان يحدث عل ىسطح اللوحة لم يكن صورة بل "حدثًا". ويذلك كان مفهوم الفن ينبثق كحدث من حركة تسمى "التعبيرية التجريدية، والتى أثرت بشكل كبيرعلى الحركات الفنية التى تلت ذلك، ولا تزال تلهم الفنانين الذين يعيشون اليوم.
ومن فنانى القرن الواحد والعشرين فنانون أعادوا النظر في معايير "الرسم التجريدى" وصاغوا مصطلح "التجريد المفاهيمى". حيث كان اللون غنيًا ومكثفًا. و تم اختيار الأمثلة الأحدث في معظمها بحيث بدت وكأنها تطورت مباشرة من الأقدم. وكان "التجريد المفاهيمى" قد تطورمنذ التسعينيات من القرن الماضى، وأصبح للرسم التجريدى الجديد تأثيركبيرفى عالم الفن. وفى الحقيقة أن إدراكنا للفن التجريدى يتوقف على مدى قوة فهمنا للأداء الكامن وراء إنشاء العمل ، ولا سيما معتقداتنا حول ما يحدث في رأس الفنان التجريدى. فقد نصادف الأفكارغير المثيرة للاهتمام أو الأداء غير الملهم. وقد تظهرأعمال في البداية مثل"عبقرية متوهجة"، لكنها لاتحتمل الرؤية إلا لمرة واحدة، لكونها أقرب إلى مزحة، ويمكن الضحك عليها مرة واحدة فقط، وبعد ذلك تصبح مملة .
قد يعترف الفنانون المعاصرون، مثل العديد من الفنانين الذين سبقوهم، ويجدون الإلهام في الأعمال الفنية من فترات زمنية سابقة في كل من الموضوع والعناصر الشكلية. وكان استعار الفنان المفاهيمى الأمريكى"جون بالديسارى" John Baldessari (1931- 2020) قد استعار صورة من عام 1505 لخنفساء الأيل للفنان الألمانى "ألبريشت دورر" وجعلها خاصة به. باستخدام مواد العصر الحديث (الطباعة بالحبرعلى لوح من الألياف الزجاجية) ، قام "بالديسارى" بوضع الصورة الأصلية جنبًا إلى جنب مع قطعة منحوتة على شكل دبوس فولاذى عملاق. من خلال إدخال الدبوس الفولاذى في القماش، يجمع" بالديسارى" بين الوسائط بطريقة حديثة جدًا
ويرفض الفنانون المعاصرون العاملون في "حركة ما بعد الحداثة " مفهوم الفن السائد ويتبنون فكرة "التعددية الفنية، وقبول مجموعة متنوعة من المقاصد والأساليب الفنية. سواء كان الفنانون المعاصرون متأثرين بـ"فن البوب" Pop art ، أو "الحد الأدنى" "minimal" أو "الفن المفاهيمى" conceptual art أو الفيديو video ، فإنهم ينتقلون من مجموعة لا حصر لها من المواد والمصادر والأنماط لخلق الفن. لهذا السبب، من الصعب تلخيص المفاهيم والمواد التى يستخدمها الفنانون المعاصرون بدقة. وفى الحقيقة أن "الفن المعاصر" هو فن "ما بعد المفهوم "، الذى يكشف عن حركة "وحدة" أو "تناغم" معينة تنبثق من توحيدالاختلاف. أى أن"الفن المعاصر" هو التطوير لـ"فن ما بعد المفهوم". ، الوحدة في الفصل ، أو وحدة الأزمنة المنفصلة. وبشكل أكثر تحديدا ، تلاقى أزمنة الحياة البشرية في الزمن الحاضر.إنه "الحاضر" الخيالي للمعاصر الذي يميزه عن الحداثة .
إن الشىء الذى يقع بين الفن التمثيلى والفن غير التمثيلى هو ما يسمى المفاهيمية المجردة. فعادة يرسم معظم الفنانين الأسماء: شخص أو مكان أو شىء. لكن لا يتم غالبًا رسم الأفكار غير المادية،. والرسم المغاهيمى المجرد، هو رسم الأفكار غير المادية أو غير المرئية هو. وهذا النوع من الفن التجريدى ليس مجرد تحرير، ولكنه يصل إلى الأعماق. ومن المفترض أن مزيج الفكر التجريدى الميتافيزيقي جنبًا إلى جنب مع عملية تجسيد الأفكار غير المادية بطريقة يمكن مشاركتها مع الآخرين ، هي عملية شفاء للغاية للفنان والمشاهد. ومن الواضح أن الفن التجريدى هو شكل مختلف تمامًا من اللغة في حد ذاته - لذلك عندما يرى شخص ما لوحة تجريدية لأول مرة، فمن السهل أن يشعر بالارتباك أو حتى بالضيق.إنه يخرق عمدا كل القواعد المتوارثة ،فلماذا يحب الناس الفن التجريدى؟ مجردًا حول كيفية فهم الفن لأن للفن التجريدى لغة فنية مختلفة - لكنه أكثر عالمية بكثير مما قد يراه الناس منذ البداية أبسط مقارنة يمكن إجراؤها ويمكن للعديد من الأشخاص فهمها هي أن الفن التجريدى يشبه الموسيقى، بشكل خاص، مثل الموسيقى الكلاسيكية التى لا تشترط الفهم. قد لا نمعرف سبب إنشاء القطعة الموسيقية بالضبط أو ما تعنيه، ولكن يمكن الإعجاب بها. وهناك العديد من الأسباب المختلفة التى تدعو إلى إبداع الفن التجريدى . فمثلا لا يبدأ العديد من الرسامين التجريديين برسم الفن التجريدي. بل يبدأ الكثيرون في تعلم الفن التقليدى. ثم يتعلم قواعد إنشاء تحفة فنية - ثم في مرحلة أخرى ، ولأسباب خاصة ، يقرر أن هذه القواعد يجب كسرها. وعندما يحدث هذا ، فإنه يصبح في الطريق إلى الفن التجريدى. يمكن للفنانين الرسم بأسلوب الفن التجريدى من أجل ممارسة المزيد من الحرية، لأنه لا توجد قواعد للفن التجريدى تتعلق بتمثيل العالم المادى أو للتعبيرعن النفس أولخلق شىء جميل، أو لفعل شىء لم يتم القيام به من قبل، أو لإثارة مشاعر وأفكار معينة في الآخرين . وفى كل الأحوال قإن ممارسة الفن التجريدى أمر ممتع.للتواصل مع المشاعر، ولخلق شىء ممتع جمالياً وعن معرض الفنان " محسن عطية" الذىأقيم في جاليرى العاصمة بالزمالك؛ كتبالناقد "محمد نبيل" ناصحاً المشاهد. "عليك أن تمتلك الجرأة على ترك نفسك للألوان لتفعل بك ما تشاء، وكأنك تتعلم العوم لأول مرة وتحتاج أن تثق فيى استطاعة المياه أن تطفو بجسمك على السطح دائما مهما أخطئت في حركات السباحة ....، فإذا تأملت تلك اللوحات حتما ستشعربطبيعة هذه المغامرة؛ فالألوان والخامات فيى هذا المعرض ليست مجرد أداة يستخدمها الفنان لتشكيل لوحته بل كائن حى مثلها مثل فنانها؛ تتحاورمعه تحاور الند للند وتضيف إليه كما يضيف إليها؛ هذه هى باختصار فلسفة "محسن عطية" في الفن عامة؛ ذلك الفنان الذى يعتقد أن التجربة الفنية بالنسبة له معيارها التلقائية؛ فهو لا يمارس على العمل الفنى سلطته كاملة مثلما كان يفعل كل الفنانين في الماضى، إذ كانوا يضعون كل شئ في اللوحة بإرادتهم. وبذلك يصبح الفنان مصمم أكثر من كونه تلقائى؛ فالخامات يجب أن تتكلم وتعبرعن نفسها بحرية بشكل لا ينفي وجود تيارالوعى؛ وهذا ما يتضح خلال اللوحات التي ضمها المعرضورغم أن "محسن عطية" أحد رواد التجريدية في مصر ..؛ ( وفى لوحاته) تكتشف أن الخامات هى البطل؛ أو هي سر الجماليات الخفي في جميع اللوحات؛ فمحسن عطية من الفنانين الذين يكتمون هذا السر حتى في الورقات التعريفية الملصقة بجوارلوحاته والتي يكتب بها المقاسات وأنواع الخامات المستخدمة مكتوب على سبيل المثال "خامات مختلطة على خشب" فلم يفصح بماهية تلك الخامات؛ ويرى أن سرهذه الخلطات يعتبر من السمات المميزة لكل فنان على الآخر؛ لكن من الواضح أن "عطية" يبحث عن الجديد بشكل دائم والتنوع في الخامات فهناك لوحة بها سلك ونحت بارز فهو يدرس باقتدار تطبيعة الخامة وطبيعة مزج الالوان ببعضها بسطح اللوحة ويعامل خاماته بمنطق الكائن الحى الذى له قدرة على المفاجأة دائما.(2) ان اللوحة المفاهيمية المجردة تشتمل على الكثير من التحليل والفكر الواعى المتضمن للمفاهيم المجردة. حيث رسم المفهوم بطريقة فنية ، تتيح التعبيرية غيرالتمثيلية والتجريدية منح الأفكار والمفاهيم المجردة شكلاً جميلاً ، بأفكارغيرمادية تستحق أن تكون موضوعية ومشاركتها وفهمها. فكر في الأصوات والعواطف والصفات والصفات التي تسكنها ، والقوى غير المرئية، وأوقات اليوم أو السنة. ماذا عن رسم الصفات أو الأفعال أو القصائد أو العمليات؟ الاحتمالات لا حصر لها ، ولم يتم استكشافها بعد في عالم الفن.
________________________________________
المراجع:
1- محسن عطيه: "التفسير الدلالى للفن"، عالم الكتب، القاهرة 2007، ص48&49.
2- محمد نبيل :"محسن عطية يغامر من أجل حب الحياة في أحدث معارضه"،صحيفة البوابة، القاهرة، ال أربعاء 27ديسمبر2017.