حب وحرب لمؤلفته لارا احويت/الفصل الرابع والعشرون
ليلٌ طويلٌ على زهرةِ الياسمينِ يطغى، أفقدها بريقها، وألقى بقطراتِ الندى بعيداً عنها، تواسي وحدتها بقطراتِ دمعها، كانت تشتكي لوريقاتها عن ظلمِ الليل، كنتُ أسمعها من خلفِ تلكَ النافذة التي أسرت بها نفسها، يا أميرتي المنسية من القدرِ الجميل لا تأسِرينني بعيداً عن ظلمتُكِ، أنا الذي آعتدتُ على توهجِ الكونِ بإشراقتُكِ لا أحتمل تلك القطرات التي تنزفُ من عينيكِ، صدقيني أشعرُ وكأنها تنزفُ من قلبي. وصلا للمنزل، فقال سامر : أنا سوفَ أذهبُ لإحضارِ خالتي. منى : حسناً، انتبه لنفسكَ جيداً. سامر : وداعاً. منى : رافقتكَ السلامةَ. ضلَّ سامرٌ يمشي إلى أن وصلَ للقصر، اختبىءَ خلفَ شجرةٍ كبيرة، لأن الحراس كانوا يتقاتلون مع تلكَ الجماعاتِ الإرهابية، ضلَ يفكرُ كيف سيدخلُ القصر، إلى أن تذكرَ انهُ يوجدُ بابٌ خلفَ القصر يصلُ مباشرةً بالسجون الخاصةِ للملك، عرفَ هذا الطريق حينما سجنهُ حراسِ الملك. توجهَ نحوَ الباب الخلفي دونَ أن يراهُ أحد، أثناءِ سيره اصطدمت قدمهُ بشيءٍ قاسٍ، حينما نظر للمكان وإذ هي جرة، فتحها ليجد بداخلها قطعاً ذهبيةً كثيرة، فَرِحَ بتلكَ الرزقَةِ التي رزقها اللهُ إياه، وضعها في جيبهِ، ثم فتحَ البابَ ودخل، تفاجىءَ بدماءٍ تنتشرُ على الأرضيةِ، وكانَ هنالكَ بعض السيوف على الأرضِ، فأدركَ أن الهجوم طالَ السجناء قلقَ جداً على العجوز، فبدأ يبحثُ عن جثتها هنا وهناك، كانت الجثثُ كثيرة، وكلما ينظرُ لوجهِ الجثة يدعو أن لا تكونَ هذه جثةَ العجوز، إلى أن وصلَ إلى امرأةٍ كانت تأن، اقتربَ منها ليرى أنها العجوز. سامر : خالتي الحبيبة، هل أنتِ بخير ؟ أغميَّ عليها، فكانت قد تعرضت لطعنةٍ قويةٍ بصدرها، حملها مسرعاً للعودةِ بها إلى المنزل. إعترضهُ أثناء سيرهُ أحد حراس الملك، الحارس : أنتَ إلى أينَ تحملها ؟ سامر : ألا تراها تنزف ؟ الحارس : هذه سجينةُ الملك عليها أن تبقى في سجنهِ أو أن تموتَ بهِ، لن أسمحَ لكَ بأن تأخذها. سامر : انتبه للأعداءِ وانسى أمر العجوز، إنها امرأةٌ كبيرةُ السن وتنزف. أخرجَ الحارسُ سيفهُ ليقتلَ بهِ سامر، فركضَ سامر سريعاً قبلَ أن يلحقهُ الحارس، ولكنه اقتربَ منهُ، فأدركَ سامر أنه لن يستطيعَ الهربِ منه إلا إذ قتلهُ. وضعَ العجوز على الأرض خلفهُ، كانَ الحارسُ يحاولُ قتلهُ بالسيف، وسامر يحاولُ الدفاعَ عن نفسهِ، استمرَ الحارسُ بتوجيهِ السيف على صدرِ سامر، وكان في كلِ مرةٍ يتصدَّ لهُ، إلى أن أطرحَ الحارسُ سامر أرضاً، فجلسَ فوقهُ موجهاً سيفهُ نحو صدر سامر. الحارس : الآن انتهت لعبتُكَ أيها المغفل. سامر : أرجوكَ دعني أوصلها للمنزل ثم اقتلني. الحارس : ومن تظنُ نفسكَ لتصدر لي تعليمات ؟ سامر : أرجوكَ دعني أوصلها للمنزل. كادَ الحارسُ أن يطعنَ السيف بصدره إلى أن جاءَ أحدُ جنود المجموعة الإرهابية قائلاً : سيدي ذاكَ يرتدي زي حراس الملك. رئيسهُ : هيا أسرعوا إليه واقتلوهُ. ركض الحارسُ بعيداً وأخذ سامر جثةَ العجوز بسرعةٍ بعدَ أن ابتعدَ عنهُ الحارس، فانقسمَ الجنود لقسمين، قسمٌ يركضُ خلف الحارس، والقسمُ الآخر يركض خلف سامر. تمكنَّ الجنود من القبضِ على الحارس وقتلوهُ فوراً، وسامر كانَ يتعثرُ كثيراً لأنهُ يحملُ العجوز، كاد أحد الجنود أن يمسكهُ ولكنهُ تمكنَّ سريعاً منَ الإختباءِ خلفَ شجرةٍ، بقي في مكانهِ مختبئاً، حتى قال أحد الجنود : يبدو أنهُ استطاع الهروب، هيا لنعود لأماكننا. عادوا إلى أماكنهم، وهرب سامر سريعاً وهو يحمل العجوز، حتى وصلَ للمنزل. منى : لقد تأخرتَ يا سامر، ما بها جدتي تحملها هكذا ؟ وضعَ سامر العجوز على الأريكة، وأحضرَ قماشةً لوقفِ نزيفها، وكانت منى تبكي خائفة عليها، عادَ الوعيُ للعجوز بعدَ أن سكبَ سامر على وجهها الماء. العجوز : توقف يا سامر، لن يجدي هذا نفعاً. سامر : سوف أحضرُ لكِ الطبيبةُ حالاً. العجوز : لا، أرى الموتَ مني يقترب.