انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «فن التركيب»

من ويكي الكتب
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
Osps7 (نقاش | مساهمات)
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
وسم: مسترجع
سطر 1: سطر 1:

{{شطب|مخالف}}
'''''بقلم :د.محسن عطيه'''''
'''''بقلم :د.محسن عطيه'''''


'''''التركيب التفاعلي'''''
'''''التركيب التفاعلي'''''
[[ملف:George Segal artist, in New Jersey studio.jpg|تصغير|الفنان جورج سيجال في استوديو نيوجيرسي]]
[[ملف:George Segal artist, in New Jersey studio.jpg|تصغير|الفنان جورج سيجال في استوديو نيوجيرسي]]
يتم إنشاء [[الأعمال الفنية التركيبية]] ، Installation artwork سواء كانت مؤقتة أو دائمة، داخل أماكن العرض مثل المعارض والمتاحف، أو فى الأماكن العامة أو الخاصة. ويمكن أن تشتمل ‹التركيبات› Installations على مجموعة واسعة جدًا من المواد المستخدمة، طبيعية أو مصنعة، مما يمنح الفنان الحرية الإبداعية. ومع تطور التقنيات ، أصبح من الممكن استخدام وسائط حديثة مثل ‹الفيديو› و‹الصوت› و‹الإنترنت› و‹الأداء› كجزء من [[العمل الفنى التركيبى]] ، الذى هو جزء من المنطقة المحيطة به. ويمكن إنشاء [[العمل الفنى المركب]] بطريقة قد تجذب الانتباه أوكمشهد غير مقصود من الحياة اليومية. أما [[التركيب التفاعلي]] Interactive Installation ، فيعتمد على إجراء «حوار تفاعلى» بين العمل الفنى والمشاهد. يكمن جمال [[فن التركيب]] Installation art فى مجموعته الواسعة من المواد والوسائط والبيئات المختلفة المستخدمة. والفنان هنا يجمع الأشياء التي عثر عليها في تركيبات موسعة وغامرة ، بحيث تتطلب نوعًا مختلفًا من الانتباه. ويطمح الفنان إلى خلق حياة ثانية للمواد المجمعة فى عمله المركب ، بحيث يمنحها معنى أوسع وأعمق . إذ أن تناثر الصور الفوتوغرافية ، وإعادة ترتيبها قد يعكس سيرة حياتية وتجربة معيشية وموقفا اجتماعيا أو ثقافيا أو أخلاقيا. وكان [[جورج سيجال]] George Segal [2000-1924] أنشأ سنة 1963 تركيباً بعنوان [[محطة البنزين]] حيث يجسد فكرة تداخل الأزمنة وضغطها في زمن واحد، هو «الحاضر الأبدى.» وهذا [[العمل المركب]] ذات طبيعة مغامرة ومرحة، ومصمم خصيصًا ليلائم مساحة معينة. ويعد «التفاعل مع الجمهور» جانبًا حيويًا من [[فن التركيب]] Installation art ، مثلما يشجع الزوار للسير أمام العمل الفني الضخم، حيث يقدم الفنان عددا كبيرا من الاحتمالات الجديدة. ويتميز التركيب الذي أنشأه [سيجال] بعنوان [[محطة البنزين]] [1963] بأسلوبه ‹الهجيني› و‹التوليفي›، وباستعانته بتقنيات النسخ بسكب الجص السائل مباشرة على أجسام حية، إضافة إلى تجهيز بيئة من الصناديق والقوارير. لقد أراد الفنان أن يحقق فكرة [[إزالة الحدود بين الفن والحياة]] من خلال دمج الشارع والحياة اليومية، والجمع فى تجهيزاته بين أشكال جصية وأشياء يومية حقيقية، ونقلها إلى مجال الفن. ويحدث الشعور بالمقياس البشري لأشكال المنحوتات الجصية الموضوعة على الأرض في[[محطة البنزين]] تصادما بين المشاهد، وبالفعل هذا ما أراده الفنان، وهو إثارة سلسلة من الصدمات فى نفس الزائر أثناء تحركه بين أشياء مختلفة مرتبة بطريقة تحافظ على علاقة راسخة. والشخصيات المجمدة هنا لا توضح لحظة مصيرية أو أزمة، وإنما تظهر ببساطة الحياة اليومية وروتينها، حيث يؤدون تلك الأعمال كل يوم. «وسوف يقدرالتعريف المعاصرالجمالية التوليفية التي وظفت لتجسيد فكرة الحياة الحقيقية / الفن، كرؤية نقدية -تهكمية.» (1) والفنان يجرب بعمله[[محطة البنزين]] نقل الزائر فى فراغ ا[[لعمل الفنى التركيبي]] بطريقة ‹مرحة› من خلال ملئه بشبكة معقدة من المجسمات والأشياء الجاهزة. مع تقدير مبدأ ‹الارتجال› و‹المشاركة الجماعية› ،مما يجعله أقرب إلى واقع الحياة العادية، بل تصبح الحياة أكثر إثارة للاهتمام من الفن، طالما ظل الخط الفاصل بين الفن والحياة مرنًا.
يتم إنشاء [[الأعمال الفنية التركيبية]] ، Installation artwork سواء كانت مؤقتة أو دائمة، داخل أماكن العرض مثل المعارض والمتاحف، أو فى الأماكن العامة أو الخاصة. ويمكن أن تشتمل ‹التركيبات› Installations على مجموعة واسعة جدًا من المواد المستخدمة، طبيعية أو مصنعة، مما يمنح الفنان الحرية الإبداعية. ومع تطور التقنيات ، أصبح من الممكن استخدام وسائط حديثة مثل ‹الفيديو› و‹الصوت› و‹الإنترنت› و‹الأداء› كجزء من [[العمل الفنى التركيبى]] ، الذى هو جزء من المنطقة المحيطة به. ويمكن إنشاء [[العمل الفنى المركب]] بطريقة قد تجذب الانتباه أوكمشهد غير مقصود من الحياة اليومية. أما [[التركيب التفاعلي]] Interactive Installation ، فيعتمد على إجراء «حوار تفاعلى» بين العمل الفنى والمشاهد. يكمن جمال [[فن التركيب]] Installation art فى مجموعته الواسعة من المواد والوسائط والبيئات المختلفة المستخدمة. والفنان هنا يجمع الأشياء التي عثر عليها في تركيبات موسعة وغامرة ، بحيث تتطلب نوعًا مختلفًا من الانتباه. ويطمح الفنان إلى خلق حياة ثانية للمواد المجمعة فى عمله المركب ، بحيث يمنحها معنى أوسع وأعمق . إذ أن تناثر الصور الفوتوغرافية ، وإعادة ترتيبها قد يعكس سيرة حياتية وتجربة معيشية وموقفا اجتماعيا أو ثقافيا أو أخلاقيا. وكان [[جورج سيجال]] George Segal [2000-1924] أنشأ سنة 1963 تركيباً بعنوان [[محطة البنزين]] حيث يجسد فكرة تداخل الأزمنة وضغطها في زمن واحد، هو «الحاضر الأبدى.» وهذا [[العمل المركب]] ذات طبيعة مغامرة ومرحة، ومصمم خصيصًا ليلائم مساحة معينة. ويعد «التفاعل مع الجمهور» جانبًا حيويًا من [[فن التركيب]] Installation art ، مثلما يشجع الزوار للسير أمام العمل الفني الضخم، حيث يقدم الفنان عددا كبيرا من الاحتمالات الجديدة. ويتميز التركيب الذي أنشأه [سيجال] بعنوان [[محطة البنزين]] [1963] بأسلوبه ‹الهجيني› و‹التوليفي›، وباستعانته بتقنيات النسخ بسكب الجص السائل مباشرة على أجسام حية، إضافة إلى تجهيز بيئة من الصناديق والقوارير. لقد أراد الفنان أن يحقق فكرة [[إزالة الحدود بين الفن والحياة]] من خلال دمج الشارع والحياة اليومية، والجمع فى تجهيزاته بين أشكال جصية وأشياء يومية حقيقية، ونقلها إلى مجال الفن. ويحدث الشعور بالمقياس البشري لأشكال المنحوتات الجصية الموضوعة على الأرض في[[محطة البنزين]] تصادما بين المشاهد، وبالفعل هذا ما أراده الفنان، وهو إثارة سلسلة من الصدمات فى نفس الزائر أثناء تحركه بين أشياء مختلفة مرتبة بطريقة تحافظ على علاقة راسخة. والشخصيات المجمدة هنا لا توضح لحظة مصيرية أو أزمة، وإنما تظهر ببساطة الحياة اليومية وروتينها، حيث يؤدون تلك الأعمال كل يوم. «وسوف يقدرالتعريف المعاصرالجمالية التوليفية التي وظفت لتجسيد فكرة الحياة الحقيقية / الفن، كرؤية نقدية -تهكمية.» (1) والفنان يجرب بعمله[[محطة البنزين]] نقل الزائر فى فراغ [[العمل الفنى التركيبي]] بطريقة ‹مرحة› من خلال ملئه بشبكة معقدة من المجسمات والأشياء الجاهزة. مع تقدير مبدأ ‹الارتجال› و‹المشاركة الجماعية› ،مما يجعله أقرب إلى واقع الحياة العادية، بل تصبح الحياة أكثر إثارة للاهتمام من الفن، طالما ظل الخط الفاصل بين الفن والحياة مرنًا.


'''''العمل المركب وخاصية الغمر والانغماس'''''
'''''العمل المركب وخاصية الغمر والانغماس'''''
[[ملف:Maurizio bolognini genoa.JPG|تصغير|ماوريتسيو بولوجنيني جنوى.]]
[[ملف:Maurizio bolognini genoa.JPG|تصغير|ماوريتسيو بولوجنيني جنوى.]]


ورغم تجميع عدد من الأشياء، في [[العمل الفنى التركيبي]] إلا أنه يظل لكل عنصر إحساس فريد بالزمن والشخصية، دون فاصل بين ‹القديم والجديد›، أو‹الطبيعي والمصنوع› أو بين ‹المختلف والمتكرر›. إن الخاصية التي تميز فن التركيب هي [[الغمر]] و [[الانغماس]] حتى يصبح المشاهد ليس مجرد جمهور، بل مشاركًا في الفن. وهو يعتمد على [[الجشطالت]]، أي «الرؤية الكلية» لخلق استجابة أكبر من تأثير المعرض التقليدي. فعندما يدخل المرء أو ينخرط في [[التركيب]]" installation الذي جهزته الفنانة الفرنسية [[إيمانويل موريو]] Emmanuelle Moureaux [ولدت1971] في الفراغ ، سوف يشعر وكأنه قد انتقل إلى عالم مختلف ، له قدرته على التفاعل الجسدي مع الجمهور. فرغم أن للعديد من الوسائط الفنية القدرة على إشراك المشاهد، إلا أنها لا تغمرهم تمامًا مثلما يفعل [[فن التركيب]] ، فإنه بالإضافة إلى كونه يشجع على إجراء ‹الحوارات› بين الزائر والعمل، فإنه يسمح كذلك بالتعامل مع الفن من وجهات نظر جديدة ومختلفة. مثل التركيب بعنوان [[غابة الأرقام]]، فنظرًا لطبيعته التفاعلية، فإنه يمنح الزائر فرصة بسبب حجمه الكبير، بالانغماس تمامًا في بيئة أكبر من الحياة. ومن الممكن للجمهور الجلوس أو الوقوف أو السير عبر العمل الفني، وهذه الميزة لا توفرها الأشكال الفنية التقليدية.وهذه المساحة الخيالية قلبت الوقت وغيرت الواقع استناداً إلى المبدأ الأساسي في [[فن التركيب]] وهو مبدأ «الغمر»، حيث يخلق مساحة تستحوذ على جسد الزائر بالكامل، وتؤدي للشعور بـعلاقة «حميمة» والتي لا تتحقق إلا من خلال «الانغماس» في العمل الفني. وهناك كذلك ‹الطابع الحواري›، الذي ينشأ بين الجمهور والعمل لمجرد أن الجمهور يصبح جزءًا من التجربة الفنية كسمة مركزية للعمل. وتعد هذه ‹الممارسة المتفاعلة› إحدى السمات التي تميو [[فن التركيب]].وفي هذه الحالة تتراكم الذكريات في العقل، كل واحدة تؤثر على الآخري ، وتتحول الأشياء إلى ذاكرة الزائر، نثل إشارات بصرية يمكن الوصول إليها بذاكرته الخاصة. وبهذه الطريقة، يصبح المشاهد والفنان مرتبطين ، ويتحدان معًا في تجربة مشتركة ومفردات بصرية .ويركز فن التركيب/البيئة على التجربة الحسية الأوسع، بدلاً من التركيز على عمل مؤطر على جدار "محايد" أو عرض أشياء معزولة على قاعدة. و[[التركيب الفني التفاعلي]] [جنوة، 2005]من تصميم "ماوريتسيو بولوجنيني" Maurizio Bolognini ، يمكن لأي شخص تعديله باستخدام الهاتف المحمول.
ورغم تجميع عدد من الأشياء، في [[العمل الفنى التركيبي]] إلا أنه يظل لكل عنصر إحساس فريد بالزمن والشخصية، دون فاصل بين ‹القديم والجديد›، أو‹الطبيعي والمصنوع› أو بين ‹المختلف والمتكرر›. إن الخاصية التي تميز فن التركيب هي [[الغمر]] و [[الانغماس]] حتى يصبح المشاهد ليس مجرد جمهور، بل مشاركًا في الفن. وهو يعتمد على [[الجشطالت]]، أي «الرؤية الكلية» لخلق استجابة أكبر من تأثير المعرض التقليدي. فعندما يدخل المرء أو ينخرط في [[التركيب]]" installation الذي جهزته الفنانة الفرنسية [[إيمانويل موريو]] Emmanuelle Moureaux [ولدت1971] في الفراغ ، سوف يشعر وكأنه قد انتقل إلى عالم مختلف ، له قدرته على التفاعل الجسدي مع الجمهور. فرغم أن للعديد من الوسائط الفنية القدرة على إشراك المشاهد، إلا أنها لا تغمرهم تمامًا مثلما يفعل [[فن التركيب]] ، فإنه بالإضافة إلى كونه يشجع على إجراء ‹الحوارات› بين الزائر والعمل، فإنه يسمح كذلك بالتعامل مع الفن من وجهات نظر جديدة ومختلفة. مثل التركيب بعنوان [[غابة الأرقام]]، فنظرًا لطبيعته التفاعلية، فإنه يمنح الزائر فرصة بسبب حجمه الكبير، بالانغماس تمامًا في بيئة أكبر من الحياة. ومن الممكن للجمهور الجلوس أو الوقوف أو السير عبر العمل الفني، وهذه الميزة لا توفرها الأشكال الفنية التقليدية.وهذه المساحة الخيالية قلبت الوقت وغيرت الواقع استناداً إلى المبدأ الأساسي في [[فن التركيب]] وهو مبدأ «الغمر»، حيث يخلق مساحة تستحوذ على جسد الزائر بالكامل، وتؤدي للشعور بـعلاقة «حميمة» والتي لا تتحقق إلا من خلال «الانغماس» في العمل الفني. وهناك كذلك ‹الطابع الحواري›، الذي ينشأ بين الجمهور والعمل لمجرد أن الجمهور يصبح جزءًا من التجربة الفنية كسمة مركزية للعمل. وتعد هذه ‹الممارسة المتفاعلة› إحدى السمات التي تميو [[فن التركيب]].وفي هذه الحالة تتراكم الذكريات في العقل، كل واحدة تؤثر على الآخري، وتتحول الأشياء إلى ذاكرة الزائر، نثل إشارات بصرية يمكن الوصول إليها بذاكرته الخاصة. وبهذه الطريقة، يصبح المشاهد والفنان مرتبطين ، ويتحدان معًا في تجربة مشتركة ومفردات بصرية .ويركز فن التركيب/البيئة على التجربة الحسية الأوسع، بدلاً من التركيز على عمل مؤطر على جدار "محايد" أو عرض أشياء معزولة على قاعدة. و[[التركيب الفني التفاعلي]] [جنوة، 2005]من تصميم "ماوريتسيو بولوجنيني" Maurizio Bolognini ، يمكن لأي شخص تعديله باستخدام الهاتف المحمول.


'''''العمل المركب يحرك الإحساس العاطفي'''''
'''''العمل المركب يحرك الإحساس العاطفي'''''

مراجعة 18:59، 3 سبتمبر 2024

بقلم :د.محسن عطيه

التركيب التفاعلي

الفنان جورج سيجال في استوديو نيوجيرسي

يتم إنشاء الأعمال الفنية التركيبية ، Installation artwork سواء كانت مؤقتة أو دائمة، داخل أماكن العرض مثل المعارض والمتاحف، أو فى الأماكن العامة أو الخاصة. ويمكن أن تشتمل ‹التركيبات› Installations على مجموعة واسعة جدًا من المواد المستخدمة، طبيعية أو مصنعة، مما يمنح الفنان الحرية الإبداعية. ومع تطور التقنيات ، أصبح من الممكن استخدام وسائط حديثة مثل ‹الفيديو› و‹الصوت› و‹الإنترنت› و‹الأداء› كجزء من العمل الفنى التركيبى ، الذى هو جزء من المنطقة المحيطة به. ويمكن إنشاء العمل الفنى المركب بطريقة قد تجذب الانتباه أوكمشهد غير مقصود من الحياة اليومية. أما التركيب التفاعلي Interactive Installation ، فيعتمد على إجراء «حوار تفاعلى» بين العمل الفنى والمشاهد. يكمن جمال فن التركيب Installation art فى مجموعته الواسعة من المواد والوسائط والبيئات المختلفة المستخدمة. والفنان هنا يجمع الأشياء التي عثر عليها في تركيبات موسعة وغامرة ، بحيث تتطلب نوعًا مختلفًا من الانتباه. ويطمح الفنان إلى خلق حياة ثانية للمواد المجمعة فى عمله المركب ، بحيث يمنحها معنى أوسع وأعمق . إذ أن تناثر الصور الفوتوغرافية ، وإعادة ترتيبها قد يعكس سيرة حياتية وتجربة معيشية وموقفا اجتماعيا أو ثقافيا أو أخلاقيا. وكان جورج سيجال George Segal [2000-1924] أنشأ سنة 1963 تركيباً بعنوان محطة البنزين حيث يجسد فكرة تداخل الأزمنة وضغطها في زمن واحد، هو «الحاضر الأبدى.» وهذا العمل المركب ذات طبيعة مغامرة ومرحة، ومصمم خصيصًا ليلائم مساحة معينة. ويعد «التفاعل مع الجمهور» جانبًا حيويًا من فن التركيب Installation art ، مثلما يشجع الزوار للسير أمام العمل الفني الضخم، حيث يقدم الفنان عددا كبيرا من الاحتمالات الجديدة. ويتميز التركيب الذي أنشأه [سيجال] بعنوان محطة البنزين [1963] بأسلوبه ‹الهجيني› و‹التوليفي›، وباستعانته بتقنيات النسخ بسكب الجص السائل مباشرة على أجسام حية، إضافة إلى تجهيز بيئة من الصناديق والقوارير. لقد أراد الفنان أن يحقق فكرة إزالة الحدود بين الفن والحياة من خلال دمج الشارع والحياة اليومية، والجمع فى تجهيزاته بين أشكال جصية وأشياء يومية حقيقية، ونقلها إلى مجال الفن. ويحدث الشعور بالمقياس البشري لأشكال المنحوتات الجصية الموضوعة على الأرض فيمحطة البنزين تصادما بين المشاهد، وبالفعل هذا ما أراده الفنان، وهو إثارة سلسلة من الصدمات فى نفس الزائر أثناء تحركه بين أشياء مختلفة مرتبة بطريقة تحافظ على علاقة راسخة. والشخصيات المجمدة هنا لا توضح لحظة مصيرية أو أزمة، وإنما تظهر ببساطة الحياة اليومية وروتينها، حيث يؤدون تلك الأعمال كل يوم. «وسوف يقدرالتعريف المعاصرالجمالية التوليفية التي وظفت لتجسيد فكرة الحياة الحقيقية / الفن، كرؤية نقدية -تهكمية.» (1) والفنان يجرب بعملهمحطة البنزين نقل الزائر فى فراغ العمل الفنى التركيبي بطريقة ‹مرحة› من خلال ملئه بشبكة معقدة من المجسمات والأشياء الجاهزة. مع تقدير مبدأ ‹الارتجال› و‹المشاركة الجماعية› ،مما يجعله أقرب إلى واقع الحياة العادية، بل تصبح الحياة أكثر إثارة للاهتمام من الفن، طالما ظل الخط الفاصل بين الفن والحياة مرنًا.

العمل المركب وخاصية الغمر والانغماس

ماوريتسيو بولوجنيني جنوى.

ورغم تجميع عدد من الأشياء، في العمل الفنى التركيبي إلا أنه يظل لكل عنصر إحساس فريد بالزمن والشخصية، دون فاصل بين ‹القديم والجديد›، أو‹الطبيعي والمصنوع› أو بين ‹المختلف والمتكرر›. إن الخاصية التي تميز فن التركيب هي الغمر و الانغماس حتى يصبح المشاهد ليس مجرد جمهور، بل مشاركًا في الفن. وهو يعتمد على الجشطالت، أي «الرؤية الكلية» لخلق استجابة أكبر من تأثير المعرض التقليدي. فعندما يدخل المرء أو ينخرط في التركيب" installation الذي جهزته الفنانة الفرنسية إيمانويل موريو Emmanuelle Moureaux [ولدت1971] في الفراغ ، سوف يشعر وكأنه قد انتقل إلى عالم مختلف ، له قدرته على التفاعل الجسدي مع الجمهور. فرغم أن للعديد من الوسائط الفنية القدرة على إشراك المشاهد، إلا أنها لا تغمرهم تمامًا مثلما يفعل فن التركيب ، فإنه بالإضافة إلى كونه يشجع على إجراء ‹الحوارات› بين الزائر والعمل، فإنه يسمح كذلك بالتعامل مع الفن من وجهات نظر جديدة ومختلفة. مثل التركيب بعنوان غابة الأرقام، فنظرًا لطبيعته التفاعلية، فإنه يمنح الزائر فرصة بسبب حجمه الكبير، بالانغماس تمامًا في بيئة أكبر من الحياة. ومن الممكن للجمهور الجلوس أو الوقوف أو السير عبر العمل الفني، وهذه الميزة لا توفرها الأشكال الفنية التقليدية.وهذه المساحة الخيالية قلبت الوقت وغيرت الواقع استناداً إلى المبدأ الأساسي في فن التركيب وهو مبدأ «الغمر»، حيث يخلق مساحة تستحوذ على جسد الزائر بالكامل، وتؤدي للشعور بـعلاقة «حميمة» والتي لا تتحقق إلا من خلال «الانغماس» في العمل الفني. وهناك كذلك ‹الطابع الحواري›، الذي ينشأ بين الجمهور والعمل لمجرد أن الجمهور يصبح جزءًا من التجربة الفنية كسمة مركزية للعمل. وتعد هذه ‹الممارسة المتفاعلة› إحدى السمات التي تميو فن التركيب.وفي هذه الحالة تتراكم الذكريات في العقل، كل واحدة تؤثر على الآخري، وتتحول الأشياء إلى ذاكرة الزائر، نثل إشارات بصرية يمكن الوصول إليها بذاكرته الخاصة. وبهذه الطريقة، يصبح المشاهد والفنان مرتبطين ، ويتحدان معًا في تجربة مشتركة ومفردات بصرية .ويركز فن التركيب/البيئة على التجربة الحسية الأوسع، بدلاً من التركيز على عمل مؤطر على جدار "محايد" أو عرض أشياء معزولة على قاعدة. والتركيب الفني التفاعلي [جنوة، 2005]من تصميم "ماوريتسيو بولوجنيني" Maurizio Bolognini ، يمكن لأي شخص تعديله باستخدام الهاتف المحمول.

العمل المركب يحرك الإحساس العاطفي

ريتشارد سيرا Sealevel1 -2006
وايتريد تيت 1

جمعت "تراسي إمين"Tracey Emmin في عملها التركيبي بعنوان سريري [1999] تفاصيل حميمة من حياتها الشخصية، لتنشئ جسراً عاطفياً بينها وبين المتلقي، فيشاركها كشفها الصريح عن دواخلها، وحياتها الشخصية التي اندمجت مع العمل. فهل السرير [المنكوش]المحاط بنفايات (عيدان ثقاب و زجاجات فارغة وصحائف وسراويل بالية يعد فنا ؟ أو لماذا هو فن ؟ أو ليس فنا ً؟. وإذا كان مجرد «فكرة» فهل يشترط الفن «الصنعة»، أم أن التصور والرمز والفكرة أهم من مهارة الصنعة . وإذا كانت أعمال الفن تخلق من أجل تكثيف الإحساس بالجمال، أو لتحقيق المتعة، أو بغرض التعبير عن الانفعالات العنيفة، أو لتجسيد غير المرئي أو لتوصيل أفكار [سياسية - روحية- فلسفية] فهل يحقق العمل (سريري)أي من تلك الأغراض؟. فهذا التركيب غرضه خلق مساحات حرة للتفاعل وإبراز بعض الاستجابات العاطفية للمشاهد، وخاصة المشاعر المحسوسة.ويتوقع الفنان ريتشارد سيرا Richad Serra (ولد1939) fتنفيذ تركيبه القوس الفولاذي المائل في ‹منهاتن› وجود متلقي يكمل العمل الفني بطريقة ما من خلال الانخراط في الفضاء والتفاعل مع جميع الحواس مع تذكر لأحاسيس معينة، مثل ‹الدفء› والشدة أو حتى ‹الكآبة› الناتجة عن التحديق في الشمس أو المشي في أرض قاحلة جليدية. وقد «يشعر الزائر بثقل وبإحساسات الميل من كتل معدنية ضخمة تنعكس في أجسادهم.»[2] إذ أن القوس الفولاذي المائل يشكل حاجزًا طويلًا جدا يعزل جزئين عن بعضهما بحيث لا يمكن رؤية احدهما للآخر،غالبًا ما يكون الحال مع سيرا فإن عمله لا يمثل مجرد مثال على العدوان أو الهيمنة، بل يمثله. وكانت هناك فئة تطالب بإزالة العمل ، وبعد نقاش عام حاد، تمت إزالة العمل في عام 1989 نتيجة دعوى قضائية فيدرالية. ورغم أن «الفن الطليعي» يكون غالبا متقدمًا على الثقافة السائدة أو خارجها أو ضدها ويقدم رؤية تقف ضمنيًا كنقد للأشكال والبنى الراسخة، لكن عمل سيرا على العكس مدمج بشكل آمن داخل النظام. «وقد أصبحالفنان أمام تركيباته الممتدة ضيل الحجم من أجل أن يربط بين فكرتي الجمال والجلال.»[3]ويفترض ريتشارد سيرا أن إنشاء تركيب في الفراغ بألواح الصلب، " R التحفيز على بحقق يحقق فكرة مشاركة الجمهور في التجربة الفنية، ويقوي إحساس الناس بمحيطهم اليومي، وتجاه بعضهم البعض. ومن المتوقع أن يشعر الزائر أثناء السير قي محيط عمله التركيبي وكأنه قد دخل في متاهة غامضة، وقد تصيبه بحالة من الارتباك. ولأن فن التركيب Installation في الفراغ من أنواع «الفن المفاهيمي»، لذا فهو يتصف بطابع مؤقت، وغير مقيد بمعني محدد أو تدرك حقيقته بالمنطق العقلاني، إنما الحدس هو السبيل لاستيعابه. هكذا يعتبر العمل الفني والأشياء الجمالية مجالات ومساحات حرة من الممكن التفاعل فيها بشكل مختلف. هكذا يمثل هذا التركيب دعوة للمشاهد لكي يتجول عبر فراغاته وقنواته، فيترك في نفسه شعورا إنسانيا وثقافياً. وفكرة تركيب الفنان الياباني راي نيتو هي الانعزال عن المحيط الخارجي والعمل «عبارة عن حجرة مظلمة تخيم فوقها خيمة من صوف أبيض. وقد أضيئت الخيم من الداخل وبدت ظلال أماكنها وهي تتحرك من جانب إلى جانب على سطحها .» [4] والزائر أثناء دخوله عبر فتحة في ستار، يكتشف مكانا احتفاليًا يسموعلى الواقع، رغم بساطة أشكاله وتركيباته. والعلاقة الحميمة ، تنشأ فقط عندما يدعو العمل الفني التركيبي المشاهد للمشاركة. طالما أن «أعمال التركيب الفنية مثيرة للاهتمام بشكل خاص للمتلقين الذين يواجهون وسيطًا يركز على الزائر ويتطلب غالبًا تفاعلهم النشط والمتحرك .»[5] وللفنانة الإنجليزية راشيل وايتريد Rachel Whiteread [ولدت 1963] تركيب بعنوان الجسر المعلق [2005] أنشئ في قاعة «توربين» [تيت مودرن]، بانكسايد، لندن ، يدعو الزائر إلى المشاركة من خلال الانغماس.وفي متحف لفن المعاصر في سان دييجو أنشأ فيتو أكونشي Vito Acconci(1940-2017) عمله التركيبي المؤقت سنه 2012. لقد سلط أكونشي «الضوء على كيفية استخدام المنزل كوسيلى استكشاف مواضيع عالمية، وكيف يتعامل المعماري مع تصميم المكان لتوسيع نطاق المياني بطرق جديدة نحتفل بفكرة «التلقيح المتقاطع بين الفن والعمارة.»» [6]





*******






_________________________

المراجع:

1-محسن عطيه: الجماليات .. لماذا؟ ، في الفن الحديث وما بعد الحديث،عالم الكتب، القاهرة، 2020،ص 106& 107.

2-Kapoula, Z., Adenis, M.-S., Lê, T.-T., Yang, Q., and Lipede, G.). Pictorial depth increases body sway. Psychol. Aesthet. Creat. Arts 5,2011, 186–193

3-محسن عطيه: الفنان والجمهور، در الفكر العربي، القاهرة 2001، ص118

4- المرجع السابق : ص 120.

5-Reiss, J. H.: From Margin to Center: The Spaces of Installation Art. Cambridge, MA: MIT Press. (2001)

6-محسن عطيه: الفن المعاصر .. ماهو؟ المفاهيمية زما بعد المفاهيمية. عالم الكتب القاهر 2022 ص137&138.