نقاش:مسيحية

محتويات الصفحة غير مدعومة بلغات أخرى.
من ويكي الكتب
  • ===== بيان بعض الأغلاط فى الكناب المقدس =====

وهي غير الاختلافات السابقة، وذلك لأن الاختلافات تستخرج بالمقابلة بين النسخ وتراجمها وأصحاحاتها، أما الأغلاط فتعرف بعدم مطابقتها للواقع، أو للعقل، أو للعرف، أو للتاريخ، أو لعلم الرياضيات، أو لأي علم آخر حسب أقوال المحققين، كما سترى. 1 - الغلط في مدة إقامة بني إسرائيل فينص مائل مصر: ورد في سفر الخروج 12/ 40-41: (40) وأما إقامة بني إسرائيل التي أقاموها في مصر فكانت أربعنص غليظ مائة وثلاثين سنة (41) وكان عند نهاية أربع مائة وثلاثين سنة في ذلك اليوم عينه أن جميع أجناد الرب خرجت من أرض مصر). وهو غلط؛ لأن مدة سكنى بني إسرائيل في مصر كانت مائتين وخمس عشرة (215) سنة فقط، وأما مدة سكناهم وسكنى آبائهم في أرض كنعان وأرض مصر فكانت أربع مئة وثلاثين (430) سنة؛ لأن الزمان من دخول إبراهيم عليه السلام أرض كنعان (فلسطين) إلى ولادة ابنه إسحاق عليه السلام (25) سنة، ومن ولادة إسحاق إلى ولادة يعقوب عليهما السلام (60) سنة، وكان عمر يعقوب عليه السلام عندما دخل أرض مصر (130) سنة، فيكون مجموع السنوات من دخول إبراهيم عليه السلام أرض كنعان إلى دخول حفيده يعقوب عليه السلام أرض مصر مائتين وخمس عشرة سنة. 25+ 60+ 130 = 215 سنة. وكانت مدة إقامة بني إسرائيل في أرض مصر منذ دخلها يعقوب عليه السلام إلى خروجهم مع موسى عليه السلام مائتين وخمس عشرة (215) سنة أيضا، فيكون مجموع الإقامتين في أرض كنعان وأرض مصر أربع مئة وثلاثين (430) سنة، وقد أقر علماء أهل الكتاب من المفسرين والمؤرخين والمحققين بهذا الغلط، وقالوا: إن عبارة نسخة التوراة السامرية التي تجمع بين الإقامتين صحيحة، وتزيل الغلط الواقع في غيرها. ونص فقرة سفر الخروج 12/ 40 في التوراة السامرية كما يلي: (وسكنى بني إسرائيل وآبائهم ما سكنوا في أرض كنعان وفي أرض مصر ثلاثين سنة وأربع مائة سنة). ونصها في التوراة اليونانية كما يلي: (فكان جميع ما سكن بنو إسرائيل وآباؤهم وأجدادهم في أرض كنعان وأرض مصر أربعمائة وثلاثين سنة). وهذا ما ذهب إليه صاحب الكتاب المعتمد عند محققي النصارى والمسمى: (مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين)، فقد ذكر أن الزمان من إقامة يعقوب في مصر إلى ولادة المسيح (1706) سنوات، ومن عبور بني إسرائيل البحر وغرق فرعون إلى ولادة المسيح (1491) سنة، فإذا طرحنا 1706- 1491= 215 سنة، هي مدة إقامة بني إسرائيل في مصر من دخول يعقوب إليها إلى خروج موسى منها وغرق فرعون، فإذا عرفنا أن يعقوب عليه السلام هو الأب الرابع لموسى عليه السلام (لأنه موسى بن عمران بن قهات بن لاوي بن يعقوب) حصل اليقين والجزم بأن مدة إقامة بني إسرائيل في مصر يستحيل أن تكون أكثر من (215) سنة، وهذه هي المدة التي أجمع عليها المؤرخون والمفسرون والمحققون من علماء أهل الكتاب، وغلطوا ما وقع في النسخة العبرانية من أن مدة إقامة بني إسرائيل في مصر وحدها (430) سنة، ولذلك قال آدم كلارك في تفسيره: إن الكل متفقون على أن مضمون ما جاء في النسخة العبرانية في غاية الإشكال، وعلى أن السامرية في حق أسفار موسى الخمسة أصح من غيرها، وعلى أن التواريخ تؤيد ما جاء في السامرية. وقال جامعو تفسير هنري وإسكات: إن عبارة السامرية صادقة وتزيل كل مشكل وقع في المتن. فظهر أن علماء أهل الكتاب لا توجيه عندهم لعبارة سفر الخروج 12/ 40 التي في النسخة العبرانية سوى الاعتراف بأنها غلط. الغلط في عدد بني إسرائيل حينما خرجوا مع موسى من أرض مصر 2 - الغلط في عدد بني إسرائيل حينما خرجوا مع موسى من أرض مصر: ففي سفر العدد 1/ 44-47: (44) هؤلاء هم المعدودون الذين عدهم موسى وهارون... (45) فكان جميع المعدودين من بني إسرائيل حسب بيوت آبائهم من ابن عشرين سنة فصاعدا كل خارج للحرب في إسرائيل (46) كان جميع المعدودين ستمائة ألف وثلاثة آلاف وخمسمائة وخمسين (47) وأما اللاويون حسب سبط آبائهم فلم يعدوا بينهم). يفهم من النص السابق أن عدد القادرين على القتال ممن هم في سن العشرين سنة فما فـوق من بني إسرائيل الخارجين مـن مصر مـع موسى وهارون عليهما السـلام كان (603550)، وأن جميع أفراد سبط اللاويين ذكورا وإناثا غير داخلين في هذا العدد، وكذلك جميع إناث بني إسرائيل، وجميع الذكور الذين هم دون سن العشرين غير داخلين في هذا العدد أيضا، فلو ضممنا إلى هذا العدد جميع المتروكين والمتروكات لا يكون الكل أقل من مليونين ونصف مليون نفس، وهذا غير صحيح لعدة أمور: أ - لأنه ورد في سفر التكوين 46/ 27 وفي سفر الخروج 1/ 5 وفي سفر التثنية 10/22 أن جميع نفوس بيت يعقوب التي جاءت إلى مصر سبعون (70) نفسا. ب - لأن مدة إقامة بني إسرائيل في مصر كانت مائتين وخمس عشرة (215) سنة فقط. ج- لأنه ورد في سفر الخروج 1/ 15-22 أن بني إسرائيل قبل خروجهم من مصر بمقدار ثمانين (80) سنة كان مواليدهم الذكور يقتلون وتستحيا الإناث. فإذا عرفت هذه الأمور الثلاثة يجزم العقل بالغلط في العدد المذكور (603550) ـ بل لو قطعنا النظر عن قتل مواليدهم الذكور وفرضنا أن عددهم كان يتضاعف في كل خمس وعشرين سنة، فإن عدد (70) سيتضاعف في مدة (215) سنة تسع مرات، فلا يبـلغ عددهم أكثر مـن ستة وثلاثين ألفا (36000)، فكيف يكون عدد المقاتلين منهم (603550)؟! وإذا كان مقاتلوهم أكثر من نصف مليون فوجب أن لا يقل عدد جميع بني إسرائيل عن مليونين ونصف، وهذا ممتنع جدا لا يقبله العقل السليم، ولو لوحظ القتل فامتناعه في العقل أظهر. وإلى إنكار هذا العدد (603550) مال العلامة المحقق ابن خلدون في مقدمة تاريخه؛ لأن الذي بين يعقوب وموسى إنما هو ثلاثة آباء أي أربعة أجيال، فهو على حسب ما في سفر الخروج 6/ 16-20 وسفر العدد 3/ 17-19: (موسى بن عمران بن قهات بن لاوي بن يعقوب)، ويبعد أن يتشعب النسل من سبعين نفسا في أربعة أجيال إلى مثل هذا العدد. وهناك أمران أيضا يؤيدان وقوع الغلط في هذا العدد: أ - ورد في سفر الخروج 12/ 38-42 أنه خرج معهم من مصر غنم وبقر ومواش وافرة جدا، وأنهم عبروا البحر ليلة واحدة، وأنهم كانوا يرتحلون كل يوم، وكان يكفي لارتحالهم الأمر اللساني الذي يصدر عن موسى مباشرة بدون واسطة. وقد نزل بنو إسرائيل بعد عبورهم البحر حول طور سيناء عند الاثنتي عشرة عينا، ولو كانوا بنو إسرائيل بالعدد المذكور فيستحيل أن يعبروا البحر مع مواشيهم في ليلة واحدة، ويستحيل أن يرتحلوا كل يوم ولا يكفي لارتحالهم الأمر اللساني الصادر من موسى، كما أن المكان حول طور سيناء لا يتسع لكثرتهم وكثرة مواشيهم. ب - ورد في سفر الخروج 1/ 15-22 أنه كان لبني إسرائيل في مصر قابلتان فقط لتوليد نسائهم، وإليهما صدر الأمر الفرعوني بقتل كل مولود ذكر من أبنائهم، فلو كان عدد بني إسرائيل بالقدر المذكور يستحيل أن تكفي قابلتان لتوليد نسائهم، ولوجب أن يكون بينهم مئات القوابل. فالحق أن عدد بني إسرائيل كان بالقدر الذي يمكن تناسله من سبعين (70) نفسا في مدة مائتين وخمس عشرة (215) سنة، وتكفيه قابلتان للتوليد، وتكفي ليلة واحدة لخروجهم مع مواشيهم من أرض مصر إلى أرض سيناء، وأن هذا العدد كان يكفيه الأمر اللساني من موسى عليه السلام لارتحالهم كل يوم، وأن المكان المحيط بطور سيناء يكفي لنزولهم مع مواشيهم، ونجزم بلا أدنى سك أن العدد المذكور في سفر العدد 1/ 44-47 (أي أن مقاتلي بني إسرائيل فقط كانوا 603550) غلط يقينا. 3 - الغلط الذي يلزم منه نفي نبوة داود عليه السلام: ففي سفر التثنية 23/ 2: (لا يدخل ابن زنى في جماعة الرب. حتى الجيل العاشر لا يدخل منه أحد في جماعة الرب). فهذا النص غلط؛ لأنه يلزم منه أن لا يدخل داود عليه السلام في جماعة الرب، ولا يكون نبيا؛ لأن فارص هو ولد زنا، فقد زنى أبوه يهوذا بكنته ثامار، فولدت له فارص من هذا الزنا، كما هو مذكور في سفر التكوين 38/ 12-30 وداود هو البطن التاسع بعد فارص، وإذا ابتدأنا بفارص فهو البطن العاشر؛ لأن نسب داود كما ورد في إنجيل متى 1/ 1-6، وفي إنجيل لوقا 3/ 31-33 كما يلي: داود بن يسى بن عوبيد بن بوعز بن سلمون بن نحشون بن عميناداب بن أرام بن حصرون بن فارص بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام. ويعد داود رئيس جماعة الرب وأعلى من كل ملوك الأرض على حسب ما ورد في سفر المزامير 89/ 26-27، والصواب أن فقرة سفر التثنية 23/ 2 غلط، وفي طبعة رجارد واطس في لندن سنة 1825م، وطبعة كلكتا سنة 1826م، زيد في نسب داود الوارد في إنجيل لوقا اسم يورام بين أرام وحصرون، كما يلي: (أرام بن يورام بن حصرون بن فارص)؛ ليكون داود هو البطن الحادي عشر، ولكن المحرفين بزيادة هذا الاسم نسوا أن يضيفوا اسم يورام في النسب الوارد في إنجيل متى من نفس الطبعتين، فافتضح أمرهم، ووقع الاختلاف في نسب داود بين الإنجيلين في الطبعتين المذكورتين، وبقي الاعتراض قائما، وأيضا لم يرد اسم يورام في طبعة سنة 1844م ولا في طبعة سنة 1865م، ولا في ما بعدها، لا في إنجيل متى ولا في إنجيل لوقا، وبقي فيها كلها: (أرام بن حصرون)، والصواب أن فقرة سفر التثنية 23/ 2 غلط من أساسها، وأن قصة زنا يهوذا بن يعقوب بكنته ثامار مفتراة من أساسها أيضا، وهذا الحكم لا يمكن أن يكون من جانب الله تعالى، ولا من كتابة موسى عليه السلام، وقد حكم المفسر هارسلي بأن عبارة: (حتى الجيل العاشر لا يدخل منه أحد في جماعة الرب) إلحاقية، أي من التحريف بالزيادة. 3- الغلط في عدد المضروبين من أهل بيتشمس: أكتفي بالفقرتين التاليتين من قصة التابوت المذكورة في سفر صموئيل الأول 6/ 13 و 19: (13) وكان أهل بيتشمس يحصدون حصاد الحنطة في الوادي. فرفعوا أعينهم ورأوا التابوت وفرحوا برؤيته (19) وضرب أهل بيتشمس لأنهم نظروا إلى تابوت الرب. وضرب من الشعب خمسين ألف رجل وسبعين رجلا. فناح الشعب لأن الرب ضرب الشعب ضربة عظيمة). ولا شك أن هذا الخبر غلط، فقد قال آدم كلارك بعد الطعن فيه: الغالب أن المتن العبري محرف، إما سقط منه بعض الألفاظ، وإما زيد فيه لفظ: (خمسون ألف) جهلا أو قصدا؛ لأنه لا يمكن أن يكون أهل تلك القرية الصغيرة بهذا العدد، ولا يمكن أن يكون هذا العدد مشتغلا بحصاد الزرع في وقت واحد، وأبعد منه أن يري دفعة واحدة خمسون ألفا التابوت موضوعا على حجر في وسط حقل. وهذه العبارة وردت في النسخة اللاتينية: (سبعون رئيسا وخمسون ألفا من العوام)، وفي النسخة اليونانية كالعبرية: (خمسون ألفا وسبعون إنسانا)، وفي الترجمة السريانية والعربية: (خمسة آلاف وسبعون إنسانا)، وعند المؤرخ بوسيفس: (سبعون إنسانا) فقط، وكتب بعض الأحبار أعدادا أخرى، فهذه الاختلافات وعدم الإمكان المذكور تعطينا اليقين التام أن التحريف وقع هاهنا يقينا، إما بزيادة شيء، وإما بإسقاط شيء. واستبعد هنري وإسكات في تفسيرهما أن يذنب الناس بهذا المقدار، ويقتلون في القرية الصغيرة، وشككا في صدق هذه الحادثة. فانظر إلى هؤلاء المفسرين كيف استبعدوا هذه الحادثة، وكذبوا هذا الخبر، وأقروا بالغلط، واعترفوا بالتحريف القصدي بالزيادة أو بالنقصان. 4 - الغلط في ارتفاع الرواق الذي بناه سليمان عليه السلام: ففي سفر أخبار الأيام الثاني 3 / 4: (والرواق الذي قدام الطول حسب عرض البيت عشرون ذراعا وارتفاعه مئة وعشرون). وقد ورد في سفر الملوك الأول 6/ 2 أن ارتفاع البيت الذي بناه سليمان عليه السلام ثلاثون ذراعا، فإذا كان ارتفاعه ثلاثين ذراعا فكيف يكون ارتفاع الرواق مائة وعشرين ذراعا؟! وقد اعترف آدم كلارك في تفسيره بأن الغلط وقع في فقرة سفر أخبار الأيام الثاني 3/ 4 ولذلك حرف مترجمو الترجمة السريانية والعربية فأسقطوا لفظ المائة، وقالوا: ارتفاعه عشرون ذراعا، وصحح هذا الغلط في الطبعة العربية المطبوعة سنة 1844م؛ فوردت فيها الفقرة المذكورة كما يلي: (والرواق الذي أمام البيت طوله كقدر عرض البيت عشرين ذراعا وارتفاعه عشرين ذراعا). 5 - الغلط في عدد جيش أبيا ويربعام: ففي سفر أخبار الأيام الثاني 13 / 3 و17: (3) وابتدأ أبيا في الحرب بجيش من جبابرة القتال أربع مائة ألف رجل مختار ويربعام اصطف لمحاربته بثمانمائة ألف رجل مختار جبابرة بأس (17) وضربهم أبيا وقومه ضربة عظيمة فسقط قتلى من إسرائيل خمسمائة ألف رجل مختار). وقد أقر مفسروهم بالغلط في هذه الأعداد الواقعة في هاتين الفقرتين؛ لأنها مخالفة للقياس بالنسبة لهؤلاء الملوك، فهم لم يبلغوا هذا العدد لقلتهم في تلك الأيام، ولذلك غيرت في أكثر نسخ الترجمة اللاتينية إلى: (أربعين ألفا) في الموضع الأول، و(ثمانين ألفا) في الموضع الثاني، و(خمسين ألفا) في الموضع الثالث، ورضي المفسرون بهذا التغيير، وأيده هورن وآدم كلارك، وكان آدم كلارك يعلن كثيرا في تفسيره ويصرح بوقوع التحريف في كتب التواريخ. 6 - الغلط بخصوص الأكل من الشجرة، وبخصوص عمر الإنسان: ففي سفر التكوين 2 / 17: (وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها لأنك يوم تأكل منها موتا تموت). وهذا غلط؛ لأن آدم عليه السلام أكل من الشجرة، ولم يمت في يوم الأكل، بل عاش بعد ذلك أكثر من تسعمائة سنة. وفي سفر التكوين 6 / 3: (فقال الرب لا يدين روحي في الإنسان إلى الأبد لزيغانه هو بشر وتكون أيامه مائة وعشرين سنة). وهذا أيضا غلط؛ لأن أعمار الذين كانوا في سالف الزمان طويلة جدا، فعلى حسب ما ورد في سفر التكوين 5 / 1-31: فقد عاش آدم (930) سنة، وعاش شيث (912) سنة، وعاش أنوش (905) سنين، وعاش قينان (910) سنين، وعاش مهللئيل (895) سنة، وعاش يارد (962) سنة، وعاش أخنوخ (إدريس عليه السلام) (365) سنة، وعاش متوشالح (969) سنة، وعاش لامك (777) سنة، وعلى حسب ما ورد في سفر التكوين 9 / 29 فإن نوحا عاش (950) سنة. وبهذا يظهر أن تحديد عمر أولاد آدم بمائة وعشرين سنة غلط. 7 - الغلط في عدد الأجيال الواردة في نسب المسيح عليه السلام: ورد سياق نسب المسيح إلى إبراهيم عليه السلام في إنجيل متى 1 / 1-17، والفقرة السابعة عشرة فيه كما يلي: (فجميع الأجيال من إبراهيم إلى داود أربعة عشر جيلا. ومن داود إلى سبي بابل أربعة عشر جيلا. ومن سبي بابل إلى المسيح أربعة عشر جيلا). ويعلم من هذه الفقرة أن سلسلة نسب المسيح إلى إبراهيم مشتملة على ثلاثة أقسام، كل قسم منها مشتمل على أربعة عشر جيلا، فيكون مجموع الأجيال من المسيح إلى إبراهيم اثنين وأربعين جيلا، وهو غلط صريح؛ لأن عدد الأجيال واحد وأربعون جيلا فقط، فالقسم الأول من إبراهيم إلى داود فيه أربعة عشر جيلا، والقسم الثاني من سليمان إلى يكنيا فيه أربعة عشر جيلا، والقسم الثالث من شألتئيل إلى المسيح فيه ثلاثة عشر جيلا، وكان بورفري يعترض على هذا الغلط في القرن الميلادي الثالث، ولم يجد له جوابا. 8 - الغلط في جعل رفقاء لداود عند رئيس الكهنة: ففي إنجيل متى 12 / 3-4: (فقال لهم: أما قرأتم ما فعله داود حين جاع هو والذين معه (4) كيف دخل بيت الله وأكل خبز التقدمة الذي لم يحل أكله له ولا للذين معه بل للكهنة فقط). ومثلها في إنجيل لوقا 6 / 3-4. وفي إنجيل مرقس 2 / 25-26: (25) فقال لهم: أما قرأتم قط ما فعله داود حين احتاج وجاع هو والذين معه (26) كيف دخل بيت الله في أيام أبيأثار رئيس الكهنة وأكل خبز التقدمة الذي لا يحل أكله إلا للكهنة وأعطى الذين كانوا معه أيضا). فقوله: (والذين معه)، (ولا للذين معه)، و(أعطى الذين كانوا معه) غلط؛ لأن داود عليه السلام كان منفردا، ولم يكن معه أحد في هذا الوقت. وقوله: (في أيام أبيأثار رئيس الكهنة) غلط كذلك؛ لأن رئيس الكهنة الذي فر إليه داود هو أخيمالك، وتعرف هذه الأغلاط بالرجوع إلى أصل القصة في سفر صموئيل الأول 21 / 1-9، و22 / 9-23، ولذلك كتب مستر جوويل في كتابه أنه غلط، ووافقه عليه العلماء الآخرون، والمختار عندهم أن هذه الألفاظ إلحاقية، أي من التحريف بالزيادة. 9 - الغلط في كتابة أحداث لم تقع عند حادثة الصلب: ففي إنجيل متى 27 / 50-53: (50) فصرخ يسوع أيضا بصوت عظيم وأسلم الروح (51) وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل. والأرض تزلزلت والصخور تشققت (52) والقبور تفتحت وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين (53) وخرجوا من القبور بعد قيامته ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا لكثيرين). وقد ذكر انشقاق حجاب الهيكل في إنجيل مرقس 15 / 38 وفي إنجيل لوقا 23 / 45، ولم تذكر فيهما الأمور الأخرى المذكورة في إنجيل متى من تزلزل الأرض وتشقق الصخور وتفتح القبور وقيام القديسين الميتين ودخولهم المدينة المقدسة وظهورهم لكثيرين، وهذه الأمور العظيمة لم يكتبها أحد من مؤرخي ذلك الزمان غير متى، ولا يحتج هنا بالنسيان؛ لأن الإنسان مهما نسي فلن ينسى مثل هذه العجائب العظيمة جدا، وبخاصة لوقا الذي كان أحرص الناس في كتابة الأمور العجيبة، وكيف يتصور أن تكتب الحالات التي ليست بعجائب، ولا تكتب مثل هذه الأمور العجيبة جدا؟! فهذه الحكاية كاذبة، ومع أن المحقق نورتن متعصب للإنجيل ومحام عنه، لكنه أورد عدة دلائل على بطلانها وقال: إن مثل هذه الحكايات كانت رائجة في اليهود بعد خراب أورشليم، فلعل أحدا كتبها في حاشية إنجيل متى، ثم أدخلها الكاتب أو المترجم في المتن. ويستفاد من كلام نورتن أن مترجم إنجيل متى كان حاطب ليل، لا يميز بين الرطب واليابس، فما رأى في المتن من الصحيح والغلط ترجمهما بلا تدقيق في الروايات، فهل يجوز الاعتماد على ترجمة كهذه؟! 10 - الغلط في اسم والد شالح: ففي إنجيل لوقا 3 / 36: (شالح بن قينان بن أرفكشاد). فورد اسم قينان بين شالح وأرفكشاد غلط يقينا، ففي سفر التكوين 10: (وأرفكشاد ولد شالح)، وفيه 11 / 12-13: (12) وعاش أرفكشاد خمسا وثلاثين سنة وولد شالح (13) وعاش أرفكشاد بعدما ولد شالح أربع مائة وثلاث سنين). واتفقت في هذا النص النسختان العبرانية والسامرية، ومثلهما عبارة سفر أخبار الأيام الأول 1 / 18، ففيها كلها أن شالح ابن أرفكشاد لا ابن ابنه، وبهذا ثبت أن ما كتبه لوقا غلط، ولم يرد اسم قينان إلا في الترجمة اليونانية (السبعينية)، فالاحتمال الراجح أن يكون بعض النصارى المحرفين حرف الترجمة اليونانية في هذا الموضع لكي تطابق الإنجيل، ولئلا ينسب الغلط إلى إنجيلهم.