الكون الأعظم/مقدمة هذا البحث

من ويكي الكتب
« الكون الأعظم
مقدمة هذا البحث
»
تمهيد

العلماء لايصنعون الحقائق ولكنهم يكتشفونها، لأن مهمة الفيزياء ليست تحديد كيف تكونت الطبيعة، ولكنها تتناول ما يمكن أن يقال حولها. لأن كما يقول العالم "بول ديراك" عندما عبر عن الجمال الرياضاتي: "استخدم رياضيات متقدمة في بناء هذا الكون". لهذا فإن سمة الطبيعة جمال رياضاتي.

وأسرار الكون مكتوبة وتتوافد رسائلهاالضوئية إلينا من الأغوار وإن اختلفت أزمان وصولها . لكن مايعوزنا هي وسائل الاتصالات وإستقبالها من خلال الضوء الوافد من جوف الكون حاملا هذه الرسائل الكونية والتي بلا شك تضم حقائق علمية مذهلة .مما يوحي أن الكون المنظور يسير بقوة وسلطان وقد ذعن لهما إذعانا. ولايخرج في الفضاء عما رسم له من حد مكاني قدرله ومقدرله .وفيه نعرف جزءا من الحقيقة وليس كل الحقيقة .وليس للعبثية وجود فيه . فالسماء صامتة والنجوم خرساء لاتتحدث عن ذاتها من وراء الحجب إلا من خلال بصيص الضوء الذي يتوافد منها في صمت .وما أكثر من يفتشون بالسماء ليلا ليلتمسوا رؤية نجم أو مجرة بالسماء فلا يظفرون من الفضاء بشيء .وما أكثر الذين يتنصتون علي السماء فلم يسمعوا صوتها .كأن بينهم وبينهاحجابا صفيقا لاينفذ منه صوت بل موجات غير مسموعةأو حتي مرئية غير الموجات الضوئية والتي تعبر من أجواز الفضاء وقد نلتقطها أوقد تضل طريقها إلي تلسكوباتنا الراديوية التي تتجسس علي الفضاء لعلها تسمع همسة للتعرف علي وجود أحياء غيرنا بالكون . وليتعرفوا علي دخائل هذا الكون الصامت ولم يبلغوا فيه من ذلك شيئا يذكر إلا قليلا ونذرا يسيرا. مما جعل العلماء يفكرون تائهين في ملكوت الكون حائرين في سبر أغواره والتعرف علي جملة مظاهره وسرائره . بل باتوا عاجزين فيه لم يبلغوا من هذا شيئا قاطعا من وراء أستاره.

ولقد أصبح علماء الفلك مؤرخين لتاريخ الكون بعدما تخطوا مرحلة ما يقال باكتشاف الكون المجهول عنا أو المنظورلنا . وفيه يلعب الضوء دورا رئيسيا في رؤية المواد المضيئة به التي تبدو لنا في الأرض والسماء. و تلعب الجاذبية دورا في تشكيل هيئة هذا الكون في الزمان والمكان بلا صخب . لهذا نجد للكون خمسة أبعاد هي الطول والعرض والارتفاع والزمن والجاذبية. كما أن بالكون خمس قوي رئيسية بعد إعتبار قوة مضاد الجاذبية القوة الخامسة بالكون.

وهذا البحث سمه إن شئت رؤية كاتب علمي قد درس علوم الفلك دراسة أكاديمية ذاتية وقد استهوته الكتابة فيه. فكتب فيها خلال العقد الماضي عدة مقالات بمجلة( العلم ) ونشر كتبا تضمنت هذه المقالات ومن بينها الحلقة المفقودة في مقياس الزمن والنشوء والإرتقاء والفناء بالكون ولغز الزمن والكون الطفولي والكون الأعظم ولغة الكون . وغيرها من المقالات التي تناولت مفاهيم كونية حديثة.

ويشرفني أن أقدم خلال هذا البحث فرضية (الكون الأعظم )مما سيغير مفهومنا حول تفرد كوننا بالوجود. وهذا البحث إن صح . فهذا معناه أننا سنغير نظرتنا للكون ومستقبله ووجوده ضمن منظومة كونية أكبر . وسيضع ملامح علوم الفلك في الألفية الخامسة. لهذا نجد أن هذا البحث من علوم المستقبل. مما سيجعل ما لدينا حاليا من علوم فلكية علوما قديمة عفي عليها الزمن الكوني.

فإذا كان هذا البحث منطقيا .فهذا معناه أنه له مصداقيته العلمية رغم أنه يعتبر حتي الآن ضربا من الخيال العلمي الإفتراضي .ولو صح ماجاء به. فهذا معناه أن نظريات إينشتين وزملائه الذين شكلوا فلكنا الحديث ستصبج نظريات قديمة في كتاب تاريخ الكون. لأن نظريات (الكون الأعظم ) سوف تسود .وهذه النظرة التوقعية أشبه بنظرة الفلاسفة ومن بينهم الفلاسفة العرب لكون الفيلسوف الإغريقي بطليموس. حيث كان يعتبر الأرض مركز الكون وحولها تدور الشمس والكواكب في أفلاكها. حتي جاء كوبرنيق الذي عاش بالقرن السادس عشر وحطم هذه المقولة واعتبر الشمس مركز المجموعة الشمسية بما فيها كوكب الأرض . وأصبحت الأرض حسب نظريته علي هامش المنظومة الشمسية، كما أصبحت كوكبا تابعا بعدما كانت كوكبا متبوعا بالفضاء.

وفي الواقع تنطلق الأرض في مسارات معقدة لأنها تدور حول نفسها بسرعة 16800كم/ساعة وتسبح في الفضاء حول الشمس بسرعة 1770كم /دقيقة. والشمس تجري في المجرة بسرعة 240كم /ثانية. والأرض تدور حول نفسها مرة كل 24 ساعة، وحول الشمس مرة في حوالي 365 يوماً. وقد تناول هذا البحث مفهوم الزمن والسرعة والمسافات الكونية والتمدد والإنتفاخ في كوننا وبالنسبة للكون الأعظم من خلال نظرة شمولية له ولمنظومة الكون الأعظم. وهذا ماجعل الكاتب يطرح عدة أسئلة منطقية حول الكون الأم والكون ألأعظم داخل منظومة كونية أكبر.

ومازال علماء الفلك يتساءلون..

  • هل يواجه الكون الموت البطيء؟
  • وما هو مصيره؟
  • ما هي السرعة في الكون؟
  • وما هي كتلته وكثافته؟
  • هل يوجد شيء أسرع من الضوء؟
  • هل سيعود الكون لسيرته الأولى؟
  • ما هو عمره..؟
  • ما هو شكله..؟
  • هل هو كروي أو منبسط أو متقوس؟
  • ما هي مادته..؟
  • ما هي أبعاده..؟
  • هل كانت بدايته الانفجار الكبير؟
  • ماذا كان قبله..؟
  • كيف ظهر شيء من لا شيء قبل الانفجار الكبير؟
  • ما هو مفهوم الزمكان..؟
  • ماذا وجد أولاً الكون أو القوانين الطبيعية؟
  • كيف أن ثابت الجاذبية ضئيل؟
  • كيف أن ثقل جسيم البروتون أثقل 200 مرة من الإلكترون؟
  • كيف ظهرت الأبعاد الأربعة بالكون رغم بلايين البلايين من الطرق المختلفة لاندماجها معاً؟
  • هل هناك أكوان أخرى ضمن الكون الأعظم؟
  • ما هي المادة الضائعة في الكون؟
  • ما هي نظرية الكون الخادع؟
  • هل نسبية آينشتاين وهم؟

وغيرها من تساؤلاتٍ سنجيب عليها بالتفصيل في متن هذا البحث.

فمما لا شك فيه أن الكون الأعظم وكوننا كما نتصورهما أو نتخيلهما كان ظهورهما للوجود نتيجة حتمية للإنتقاء الطبيعي بهما بعد إنبلاجهما في الوجود . وظلا حتي أصبحا يخضعان لقوانين الطبيعة الموحدة التي أبقت علي هيئتيهما حاليا .فكوننا في مسيرته داخل منظومة الكون الأعظم يسير في تناغم متبادل بينهما . حتي أن الكون الأعظم عند إنبلاجه كان أشبه بظهور المجموعة الشمسية . فنراه يمر من الفوضي الأولية ليصل إلي النظام من خلال نظرية الإنتقاء الطبيعي به وبالأكوان التابعة له ليظلوا جميعا في الزمان والمكان الوجودي في اتساق ونظام.

وهذا البحث تعرض لمعظم النظريات الكونية على ساحة الفلك والفيزياء الفلكية من خلال منظور كاتب تمرس علي الكتابة في العلوم الفلكية التي استهوته لأكثر من عقد. فطالع فيها ما طالع، وخاض فيها ما خاض، وكتب المقالات من خلال نظرة تخيلية وتحليلية. وهذه ميزة الفلك، فلقد وضع آينشتاين نظرياته التي قلبت الفلك وأدت إلى ظهور الفلك الحديث، وكان في أبحاثه قابعاً بمكتبه لم ينظر إلى تلسكوبات. وهو عالم رياضي يتعامل مع المعادلات ولا يتعامل مع تلسكوبات أو صور أقمار ومسابر فضائية.

وبهذه المقدمة قد نكون قد قدمنا ملامح هذا البحث وما سيدور حوله حتي نكون علي بينة منه وبه لنصل إلي مفهوم أوسع وأشمل لنظرتنا لكوننا وتخيلنا للكون الأعظم وما يتبعه من أكوان. ولا سيما وأن ٍهذا البحث قد إعتمد علي عدة مصادر من بينها المجلات العلمية وشبكة الإنترنت وما كتبه علماء قدماء ومحدثين. وفيه الخطأ وارد كما فيه السهو وارد. لكن فكرته لاتتعارض مع منطقية أحداث الكون أو طبيعته. إلا أنه وضع فكرة الكون الأعظم علي أعتاب قرننا. فمن شاء فليرتضيه ومن شاء فليرفضه. ومن يرتضيه فعليه أن يقرأه علي مكث و يستوعب ما جاء فيه. ومن يرفضه فعليه أن يكون منزها في رأيه من خلال أريحية علمية مبررة. لأن هذه الفرضية لو صحت سوف تلقي بظلالها علي مفهومنا لكونناوالأكوان فيما وراءه في ستر الغيب. وهذا يتطلب أن يكون الرفض له لعلة علمية أو منطقية. وإلا أمام التعسف الفكري قد نفوت فرصة أن تكون نظرية الكون الأعظم نظرية مصرية . فقد يكون البحث عرضا مبتكرا واكتشافا عالمياً رائداً. لأن ماكتب به ليس عن جهل مطبق أو جهالة كاملة وليس أيضا عن معرفة كلية. إلا أنه صيغ عن وعي بين وليس عن جهل بين.

لهذا التحكيم حول هذا البحث يتطلب أن يكون تحكيما منصفاله ولصاحبه وليس متعسفا فيه . لأنه نتاج فكري وعقلي ولاسيما وأن سبل النشر ميسرة له . وما يؤهله للتحكيم أن العلوم البحتة علوم منطقية لاتحيد عن الحقائق ولاتشذ عن المنطق وليست علوما هلامية يغمي علينا فيها وإلا فقدت مصداقيتها العلمية وخبا بريقها وأفلت لتصبح في طي النسيان.

فهذه العلوم حقائق مجردة ومتجردة من أي زيغ ولا تتحمل في متونها التأويل أو التهويل أو التهوين. لأن العقل أقصر الوسائل للوصول إلى الحقيقة واستيعابها وفهمها سواء أكانت بلغتنا العربية أو أي لغة أجنبية يترجم إليها.

وأخيراً.. يقال أن هذا البحث مفتوح لكل من يشارك فيه بالرأي المثري والمطور له. فليشارك فيه من يشاء بما يشاء. فمن يجد له فيه بغية فليبتغها ومن يجد له فيه باعا فليبتع فيه ومن يجد له فيه مجالا فليسهم فيه من خلال روح الفريق. لأن الهدف منه التوصل إلي الحقيقة العلمية للوصول به للعالمية. ولن يغفل دور كل من سيساهم فيه . فقد يكون هذا البحث الآن نواة لبحث أكبر إستفاضة. وقد يكون خطوطا عريضة لبحث أكبر عطاء. وفي هذا فليتنافس المتنافسون .فالكون ماض في أزمانه لايكل فيها ولايمل منها حتي ماشاء الله له أن يكون عليه أويظل علي ماهو عليه أو أن يصبح فيه لما قدر له أن يكون. لأن و لكل أجل كتاب رهين به لايستأخره أو يقدمه ولايستأني عنه أو يتواني فيه.فلوكان الكون تمدديا أو ارتجاعياً أو ترددياً أو كان كوناً متقوسا أو منبسطا أو متكورا .فهو كون قائم بذاته لايحيد عما قدر له أن يكون ولايميد في الزمكان. وأصدق وصف له أنه كون متفرد في الوجود. ففجره كان كن فيكون وكان في بدايته غير منظور . والآن أصبح بهيئته وهيبته كونا مرئيا يعبر عن عظمة خالقه بشموخ يتعالي وفضاء يتسامي وآفاق رحبة ممتدة لم نصل فيها برؤيتنا إلا لأعتابه حيث لن نبلغ فيه سدرة المنتهي. ومازال العلماء في الكون يمترون. والله الموفِّق لنا جميعا.